وما احتمله في الوسائل (١) وغيره (٢) من أنّ زرارة سمع هذا الحديث من الإمام عليهالسلام مرّتين وأثبته حريز في مقامين من كتابه كما نقله في السرائر ، بعيد في الغاية ، بل ممّا ينبغي القطع بعدمه ، وقد تصدّى غير واحد من الأعلام (٣) لذكر شواهد ومؤيّدات لإثبات الاتّحاد لا حاجة إلى إيرادها ، وكفاك شاهدا لذلك استفهام زرارة عمّا يقول بعد أن نهاه عن القراءة ، فإنّه يكشف عن عدم كونه مسبوقا بمثله ، وإلّا لم يكن يجهله حتى يحتاج إلى الاستفهام عنه ثانيا ؛ إذ العادة قاضية بعدم طروء النسيان على مثل هذا التكليف المبتلى به دائما ، مع أنّه على تقدير التعدّد وجب حمل الرواية المشتملة على اثنتي عشرة على الاستحباب ؛ جمعا بينها وبين الرواية الأخرى التي هي صريحة في كفاية التسع.
وبهذا يظهر لك الجواب عن خبر رجاء والفقه الرضويّ ، مع عدم ثبوت اعتبار الرضويّ لدينا ، وضعف خبر رجاء سندا وقصوره من حيث الدلالة ؛ فإنّ فعله عليهالسلام لا يدلّ على الوجوب ، مضافا إلى ما حكي عن البحار من أنّه قال : إنّ الموجود في النسخ القديمة المصحّحة من العيون بدون التكبير ، والظاهر أنّ الزيادة من النسّاخ (٤). انتهى.
وربما يستدلّ أيضا لهذا القول باستصحاب التكليف وقاعدة الشغل.
وفيهما ما لا يخفى ، خصوصا مع وجود الأدلّة الوافية بإفادة حكم المورد.
__________________
(١) الوسائل ، ذيل ح ٢ من الباب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة.
(٢) بحار الأنوار ٨٥ : ٨٧.
(٣) منهم : السيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٧٩.
(٤) بحار الأنوار ٨٥ : ٨٨ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ٤١٤.