والملوك ، فلو أمر المولى عبيده بقيامهم عند حضوره وركوعهم له عند توجّهه إليهم بوجهه ـ كما جرت عليه سيرة أهل الفرس بالنسبة إلى أمرائهم ـ لعرف كلّ منهم ما هو تكليفه بحسب حاله.
والحاصل : أنّه لا يصدق اسم الركوع عرفا بالنسبة إلى مثل هذا الشخص ما لم يزد في انحنائه ، وتحديد الركوع شرعا أو عرفا بأن ينحني إلى أن بلغت يداه ركبتيه إنّما هو في الأفراد الشائعة دون من وصلت يداه ركبتيه بلا انحناء إمّا لطول يديه أو لانحناء ظهره ، فإنّه خارج عن مورد حكم العرف ومنصرف النصوص والفتاوى ، فيفهم حكمه إمّا بالمناسبة وتنقيح المناط كما في طويل اليدين ، أو بالرجوع إلى العرف في صدق مسمّى الركوع أخذا بإطلاق أدلّته بالنسبة إلى من لم يثبت له حدّ شرعيّ.
ومن هنا يتّجه ما حكي عن المحقّق الثاني من التردّد في حكم من كان انحناؤه على أقصى مراتب الركوع حيث قال : ففي ترجيح الفرق أو هيئة الركوع تردّد (١). انتهى ؛ فإنّ الفرق مع الخروج عن الهيئة وإن لم يكن مجديا ولكن يمكن أن يدّعى أنّ الهيئة معتبرة لدى العرف في غير مثل هذا الشخص ، وأمّا بالنسبة إليه فمناط الصدق لديهم هو الفرق بين حالتيه وإن كان الأظهر إناطة الصدق بكلا الأمرين.
فمن كان بهذه الهيئة فإن أمكنه من غير حرج ومشقّة تغيير هيئته والانتقال إلى حالة أقرب إلى القيام ولو بالاعتماد على عصا ونحوه ، وجب عليه ذلك حين قراءته وقبل ركوعه ، وإن لم تكن تلك الحالة أيضا خارجة عن هيئة الركوع ـ كما عرفته في مبحث القراءة ـ فيزيد انحناءه للركوع
__________________
(١) جامع المقاصد ٢ : ٢٨٩ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ١٠ : ٨١.