على ذلك (١) ، يدفعه أنّ المراد بالركوع هنا هيئة الركوع لا فعله ؛ إذ هو على كلّ حال لم يتحقّق وإن زاد الانحناء اليسير ؛ ضرورة عدم كونه ركوعا ، فيتوجّه التكليف حينئذ إلى خطابه [بكونه] (٢) على هذا الحال بعد القراءة ـ مثلا ـ بمعنى لا يجلس أو ينام أو يسجد أو نحو ذلك ممّا ينافيها ، فلا تحصيل للحاصل حينئذ ، والفرق بينهما واقعيّ لا شرعيّ ، والنبويّ لا دلالة فيه على ما نحن فيه ، والقياس على إيماء السجود مع أنّه مع الفارق لا يجوز الأخذ به (٣). انتهى.
وفيه : ما عرفت من أنّ الركوع ليس اسما لمطلق هذه الهيئة كي يقال :إنّ حقيقته متحقّقة ، بل لفعل الانحناء دخل في تحقّقه شرطا أو شطرا ، وإلّا للزم أن يصدق على المخلوق منحنيا حين وقوفه على قدميه بل على كلّ من أوجد هذه الهيئة بأيّ كيفيّة تكون ولو برفع رأسه من الأرض ونهوضه بهيئة الراكع أنّه ركع ، وهو ليس كذلك بديهة ، ومتى لم يصدق فعل الركوع على إيجاد هذه الهيئة حين حدوثها كيف يقع إبقاؤها امتثالا للأمر بالركوع ، بل نقول زيادة على ما سبق : إنّه لو علم المنحني البالغ يداه ركبتيه كونه مشمولا للخطاب بـ «اركعوا» الذي معناه الأمر بالانحناء لا يفهم من ذلك بالنسبة إلى نفسه إلّا إرادة زيادة الانحناء ، لا الوقوف على قدميه حافظا لهيئته ، كما لا يخفى.
وأمّا ما في كلام جامع المقاصد من الاستدلال بالنبوي فهو في محلّه ؛ بناء على كون الركوع اسما لمجموع الانحناء الحاصل تدريجا ، لا خصوص
__________________
(١) جامع المقاصد ٢ : ٢٨٩.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٣) جواهر الكلام ١٠ : ٨١.