ولكنّ الأصل كاف دليلا لإثبات هذا القول لو سلّمت المناقشة في المقيّدات ، ولكنّك عرفت أنّها في غير محلّها.
فالأقوى وجوب الاضطجاع على الأيمن ، كما يشهد له موثّقة (١) عمّار وغيرها من الأخبار المقيّدة المعتضدة بالشهرة ، والإجماعات المحكيّة المستفيضة ، وإذا تعذّر فعلى الأيسر ، كما وقع التصريح به في مرسلة الفقيه ، المتقدّمة (٢) ، وضعفها مجبور بالشهرة ، فيرفع اليد بواسطتها عمّا يظهر من قوله عليهالسلام في موثّقة عمّار : «فكيفما ما قدر» من التخيير بين الاستلقاء وبين الاضطجاع على الأيسر.
بل قد يمنع ظهور هذه الفقرة في حدّ ذاتها في التخيير ؛ لشيوع استعمال مثل هذه العبارة في وجوب الإتيان بالشيء بمقدار وسعه ، وعدم سقوطه منه ، كما في صدر هذه الرواية ، نظير قول القائل : إذا دخل الوقت وجب عليه أن يصلّي كيفما قدر ، فلا تدلّ على التخيير بين الحالات المقدور عليها.
وفيه : أنّ شيوع استعماله في هذا المعنى لا ينفي ظهوره من حيث هو في التخيير خصوصا في مثل المقام المسوق لبيان حكم مراتب العجز ، مع ما وقع فيه من التفريع عليه من قوله : «فإنّه له جائز» (٣) الظاهر في إرادة التوسعة فيما قدر عليه ، لا التضييق ، ولكن مع ذلك كلّه يتعيّن صرفه عن هذا الظاهر ؛ جمعا بينه وبين المرسلة (٤) التي هي كالنصّ في الترتيب.
هذا ، مع أنّه لم ينقل القول بالتخيير بين الاستلقاء والاضطجاع عن
__________________
(١) تقدّمت الموثّقة في ص ٤٩.
(٢) في ص ٥٠.
(٣) راجع الهامش (٤) من ص ٤٩.
(٤) أي مرسلة الفقيه ، المتقدّمة في ص ٥٠.