العذب ، وعارضته القويّة ، وسيره بسوق الطّبيعة ، يتخلّص من المآزق بما يذكّرني بما قاله ابن الجوزيّ ، لمّا تواضع أهل السّنّة والشّيعة على ما يقوله ، فسألوه وهو على المنبر عن عليّ وأبي بكر. أيّهما الأفضل؟ فأجاب بما لو روّى فيه عالم دهرا .. لم يوفّق إليه ؛ إذ قال : (أفضلهما وأحبّهما إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من بنته في بيته) أو ما هذا معناه ، فحملها كلّ على ما يريد.
وقال الإمام المحضار في بعض كتاباته بتلك المناسبة : (والاعتماد على ما قاله الجمهور ، لا ما قاله عبد الرّحمن مشهور) ؛ يعني مفتي حضرموت لذلك العهد ، صاحب «بغية المسترشدين» ، وهو لا يقصد خلافه ولا إدخال المساءة عليه ، ولكنّه قام في طريق الفاصلة (١) وهو لا يبالي بشيء من أجلها ؛ لأنّه يمرّ مع خاطره بلا تكلّف ولا تنطّع.
ولا غرو ؛ فقد طلّق بعضهم امرأته من أجلها ، وتكلّف الصّاحب بن عبّاد السّفر إلى قندهار ليقول :
صدرت من قندهار |
|
في ضحوة النّهار |
وعند ما زار المحضار حضرموت وذهب لزيارة هود عليه السلام .. اتّفق حلول الجمعة بفغمة ، فجمّع بها المحضار وتبعه كثير من النّاس ، ولكنّ السّيّد المشهور لم يوافقه ، بل انعزل بآل تريم وكثير من غيرهم ، لا أدري ألشيء من أمثال ذلك أم للتّشدّد بما قال الشّافعيّة من شروط الجمعة.
ومن إهداء السّلام في كتب الشّيخ عليّ باصبرين للإمام المحضار .. يفهم أنّ له أولادا يهدي سلامهم إليه ، ومنهم حسن بن عليّ باصبرين ، قتله أحد آل ضروس غيلة بالقرحة في رمضان ، ولا يزال بها أحفاده وعشائر آل باحميش إلى الآن ، ومن وجهائهم أحمد بن يسلم باحميش وإخوانه.
__________________
(١) الفاصلة : في النّثر كالقافية في الشّعر ، وهي المقطع الصوتيّ الّذي ينتهي عنده الكلام.