أمره إلى مصوّع ، وأسّس بها مركز تجارة ، وأقام برهة بالمكلّا ، وله فيها آثار وعقار ، وكان جمّ الثّناء على الإيطاليّين بالوفاء وبسط الأمن والعدل ، ومساعدة الرّعايا ، والصّدق ، وذكر الجميل لصاحبه ولو بعد الاستغناء عنه ، واتّفاق السّرّ والعلانية ، وحفظ الذّمام ، وقد عرفت صدق بعضه عنهم وقتما كنت بالحديدة وفي سفري منها إلى مصوّع سنة (١٣٥٤ ه) ، إلّا أنّني مع حنقنا عليهم ممّا جرى في طرابلس .. لم أتأثّر بشيء من ذلك ، وإلّا .. فلهم أكثر بشارة الحديث الّذي أخرجه مسلم [٢٨٩٨] عن المستورد القرشيّ حسبما في «العود الهنديّ» .. فليس الشّيخ بمتّهم فيما يقول ، ثمّ استوطن عدن ، وله خيرات ومحاسن ، منها : مدرسة كبيرة بناها بعدن ، لا تزال معمورة على نفقته السّابغة إلى اليوم ، وكانت عدن مزدانة به وبأمثاله من مراجيح الحضارم ثمّ صوّح نباتها ، على نحو ما أسلفنا في المكلّا. توفّي بعدن في سنة (١٣٤٩ ه) ، وقد ترك أولادا ؛ منهم : الوجيه عليّ ، وهو النّاظر على مدرسته ، والقائم في محلّه ، ومنهم عبد الرّحمن صالح متواضع ، عليه سيماء الخير ، باد في جبهته أثر السّجود ، ضابط لنفسه ولأولاده ، ومربيهم على الاعتناء بشعائر الدّين والمحافظة عليها ، مع بذل المعروف ، وإغاثة الملهوف .. بارك الله فيه وفي بنيه.
ومن أهل الرّشيد : السّيّد شيخ بن عبد الرّحمن بن شيخ الحبشيّ (١) ، تلميذ السّيّد عمر بن عبد الرّحمن البارّ.
والعلّامة السّيّد سالم بن محمّد الحبشيّ (٢) السّابق ذكره إلى جنب الشّيخ عليّ باصبرين ، وأخوه عبد الرّحمن بن محمّد الحبشيّ ، وقد انتقل ولده عبد الله بن عبد الرّحمن إلى رحاب ، وله ولدان : علويّ بن عبد الله صاحبنا المتكرّر ذكره ، وأخوه أحمد بن عبد الله من أهل الصّلاح.
__________________
(١) توفّي السّيّد شيخ هذا سنة (١١٧٢ ه) بالرّشيد.
(٢) هو السّيّد العلّامة الفقيه سالم بن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الحبشي ، ولد بالرّشيد سنة (١٢٥١ ه) ، وتوفّي بها في (٢١) ربيع الأوّل (١٣٢٩ ه) ، كان فقيها عالما محقّقا ، أخذ عن الشّيخ عبد الله باسودان ، وابنه محمّد ، وطبقتهما ، ترجم له الحبيب عبد الرّحمن المشهور في «الشّجرة».