فخرج آل العموديّ لحرثه فمنعهم أحد الخنابشة ، فلم يبالوا به ، فأقبل ثلاثة نفر من الخنابشة .. لاقاهم اثنان من آل العموديّ ، فاجتلدوا بالعصيّ ساعة ، ثمّ لم يشعر النّاس إلّا بواحد يمكّن خنجره من خاصرة عبود بن محمّد بن العسكر العموديّ ، فكانت القاضية.
واختلفت الرّواية ، فقيل : إنّ عبودا هذا من المشتركين في المخاصمة على الجريب. وقيل : إنّما كان من النّظارة فقط.
وقد طلّ دمه (١) ؛ إذ لم يتعيّن القاتل بالحجّة الشّرعيّة ، والتّهمة تحوم حول الخنابشة واللّوث الشّرعيّ ظاهر ، ولكنّهم إمّا لا يعرفون القسامة ، وإمّا لأنّهم لا يرون الأخذ بها تشفيا ، وإمّا لأنّهم لا يرون لها منفذا.
ثمّ انحطّت التّهمة على سعيد بن سالم الخضر .. فأودع السّجن ثلاثة أعوام ، ثمّ أطلق سراحه ، ولكن! بعدما تغيّر مزاجه ، وانحرفت صحّته ، فلم يعش بعد تخلية سبيله إلّا مدّة يسيرة.
وكما اختلفت الرّواية في مقتل عبود .. اختلفت في مبدئه ، فقيل : إنّه كمثل أخيه عثمان ، على رأي الإرشاديّين ، وإنّ لذلك مدخلا في قتله.
وقيل : إنّه إنّما كان يجامل أخاه بالتّظاهر بالإرشاد ؛ لأنّه وليّ نعمته (٢) ، وليس بالجادّ فيه.
__________________
المسائل المعمول بها على غير معتمد مذهب الشافعي تقليدا لغيره ، انظر (ص ١٦٤) «فتاوى مشهور» : المساقاة.
(١) طلّ دمه : هدر ولم يؤخذ بثأره.
(٢) ومن أعيان الدوفة وعلمائها المشهورين : الشيخ الصالح العالم الصوفي عمر بن زيد ، كان من أهل العلم والصلاح ، عاش في القرن العاشر ، قدم إلى تريم للأخذ عن السيد الشريف أحمد بن الحسين العيدروس المتوفى بها سنة (٩٦٨ ه) ، ولازمه وأخذ عنه ، كما ورد في «المشرع» (٢ / ١٢٥).
الفقيه العارف بالله الشيخ عبد الله بن عمر باعباد ـ بضم العين وتخفيف الباء ـ أخذ عن الحبيب عمر العطاس ، والشيخ علي باراس ، وله مصنف في مناقبهما.