وفيه : (قال ابن عتّاب : يكون الرّجل نحويّا عروضيّا ، قسّاما فرضيّا ، حسن الكتابة جيّد الحساب ، حافظا للقرآن ، راوية للأشعار ، يرضى أن يعلّم أولادنا بستّين درهما) (١).
ومتى تقرّر انحراف قريش عن العلم لما يجلبه لها من تهضّم الملوك ، ولأنّها تسود قبل أن تتفقّه .. فما كان العلويّون المهاجرون إلى حضرموت ليخرقوا عادتهم إلّا بعد أن تؤثّر فيهم الظّروف ، وينطبعوا بطابع الزّمان والمكان ، وتقهرهم العوائد وتنتفي الموانع ، وربّما كان ذلك أواسط القرن السّابع ، مع استثناء القليل فيما قبل ذلك.
وإنّما بقي العلم في السّادة الزّيديّة لبعدهم عن المدنيّة الشّومى ، وتصديقا لوعد النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولاشتراطه للخلافة ، وهي لا تزال فيهم ، والنّاس على دين ملوكهم ، والسّلطان سوق يجلب إليه ما يناسبه ، ولهذا فلا بدّ أن تتفاوت أزمنتهم بحسب رغبات خلفائهم فيه كثرة وقلّة. ولهذا المبحث تكميل ـ إن شاء الله ـ يأتي في تريم.
أمّا المبحث الثّالث :
فقد اتّسع فيه القول ، وتفتّحت شآبيب الكلام ، وسالت فيه عزالي البراهين والأدّلة ، حتّى صار رسالة فضفاضة تستحقّ أن تسمّى : «سموم ناجر لمن يعترض نسيم حاجر» ، ولا بأس أن نزيد هنا ما يتأكّد به بعض ما فيها وما في «النّسيم» مع الاعتذار عمّا لا بدّ منه للفائدة من التّكرار.
قال سيّدي الحبيب أحمد بن زين الحبشيّ في كتابه «المسلك السّويّ» : (ومن ثمّ لمّا ذهبت عنهم الخلافة الظّاهرة ـ لكونها صارت ملكا عضوضا ـ ولذا لم تتمّ للحسن .. عوّضوا عنها بالخلافة الباطنة حتّى ذهب كثير من القوم إلى أنّ قطب الأولياء في كلّ زمان لا يكون إلّا منهم) اه
ثمّ رأيت هذه العبارة عند الحفظيّ آخر كلام نقل عن «صواعق ابن حجر» [٢ / ٤٢٦] والله أعلم.
__________________
(١) انظر «البيان والتبيين» (١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨).