أو كبير ، خسيس أو شريف. (تَعالى) الله (عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً).
وليس منها كما قال سعد الدّين التّفتازانيّ في «شرح المقاصد» أن يستغرق السّالك عند انتهاء سلوكه في بحر التّوحيد والعرفان بحيث تضمحلّ ذاته في ذاته ، وصفاته في صفاته ، ويغيب عن كلّ ما سواه ، ولا يرى في الوجود إلّا الله ، وهذا ما يسمّونه : الفناء في التّوحيد ، ويسمّونه : الجمع أيضا.
وغاية سير السّالكين .. فناء المريد عن نفسه ، ومنه يرجع إلى عالم الملك ، وهو الفرق الثّاني ، والصّحو بعد المحو ، ويعبّر عنه أيضا : بانصداع الجمع ، وبالفرق بعد الجمع ، وبظهور الكثرة في الوحدة ، ويعبر عنه أيضا : بمحو المحو ، وبشهود الوحدة في الكثرة ، والكثرة في الوحدة ، وصاحب هذا المقام عندهم لا يحجبه الحقّ عن الخلق ، ولا الخلق عن الحقّ ، وهو مقام إرشاد المريدين.
المبحث الرّابع :
جاء في (ص ٣٣ ج ١) من «المشرع» : (أنّه كان للمهاجر في الوعظ لسان فصيح ، ثمّ لمّا استولى أخوه محمّد بن عيسى على أقاليم العراق .. أتى إليه ووعظه موعظة بليغة ، بألفاظ فصيحة جسيمة ، ولم يزل به حتّى ترك ذلك ، وزهد فيما هنالك) اه
وفي (ص ١٣٩) من «البرقة» : (أنّ محمّد بن عيسى استولى على جهة من العراق ، وتبعه خلق كثير ، وجمّ غفير ، ثمّ ترك الولاية زاهدا) اه
وبين الرّوايتين فرق ليس باليسير ، وقد راجعت «كامل ابن الأثير» و «تاريخ ابن خلدون» .. فلم أر لخروج محمّد بن عيسى ذكرا ، ولو كان كما يقول صاحب «المشرع» في شمول استيلائه للعراق .. لذكراه ، وإذا لم يذكراه .. كان ذلك قادحا فيه ؛ لأنّ الخبر الّذي تتوافر الدّواعي على تواتره ثمّ لا ينقله إلّا الآحاد .. يكون مردودا كما قرّره أهل الأثر ؛ فإن وجد له ذكر في التّاريخ ، وإلّا .. فما هو إلّا انتقال نظر إليه من زيد بن موسى الكاظم.