عبد الرّحمن بن محمّد الحضرميّ (١) ، فأدركته الوفاة بمكّة المشرّفة ، فعهد للشّيخ عبد الله الصّالح المغربيّ بإيصالها للفقيه المقدّم ، فألبسه إيّاها ، وغضب لذلك شيخه عليّ بامروان ، وقال له : أذهبت نورك بعد أن رجوت أن تكون كابن فورك ، فتفقّرت.
فقال له الأستاذ الفقيه المقدّم : الفقر فخري.
ثمّ سار الشّيخ الصّالح لإلباس الشّيخ سعيد بن عيسى العموديّ عن إشارة الشّيخ أبي مدين ، ثمّ توجّه إلى ميفعة ، وفي طريقه إليها ألبس صاحب عورة : الشّيخ باعمر ، عن نفسه لا عن الشّيخ أبي مدين ، ولمّا صعد إلى ميفعة .. اتّصل بباحمران.
وذكر الشّلّيّ [٢ / ١٢] وغيره : أنّ الفقيه المقدّم سار إلى ميفعة لعيادة الشّيخ عبد الله الصّالح ـ وكان بلغه توعّكه (٢) ـ وهناك اجتمع به وبتلاميذه ، وشهدوا وفاته ودفنه بميفعة ، ولم يذكروا تاريخ موته ، غير أنّه كان قبل موت الفقيه الّذي كانت وفاته سنة (٦٥٣ ه).
ومن العجب أنّ العلّامة السّيّد عليّ بن حسن العطّاس يقول في «سفينة البضائع» : (إنّ الفقيه المقدّم ، والشّيخ سعيد بن عيسى العموديّ ، والشّيخ عبد الله بن عمر صاحب الدّلق ، والشّيخ باحمران .. اجتمعوا بشيخهم الشّيخ عبد الله الصّالح المقبور ببلد كنينة ـ بلد بالشّقّ البحريّ ، قريب من حجر ـ وهي الجهة الّتي يقال لها : ميفع) اه (٣)
__________________
٤ ـ العلّامة المسند الحافظ الشّريف أحمد بن محمّد الصّدّيق الغماريّ الحسينيّ المغربي (ت ١٣٨١ ه) بكتاب حافل جليل سمّاه : «البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي» ، ط بمصر سنة (١٣٨٩ ه) ، وقد عقد فصلا في آخر هذا الكتاب ذكر فيه أئمة علماء المسلمين ممّن لبسوا الخرقة ، ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني وتلميذاه السّخاويّ والسّيوطيّ والشّيخ زكريّا الأنصاريّ .. وغيرهم. وينظر : «أدوار التّاريخ الحضرميّ» (١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٧).
(١) المعروف عند المؤرّخين بالمقعد ؛ لمرض أصابه فأقعده عن الحركة. وهو حضرميّ مغربيّ .. كذا في «المشرع الرّويّ» ، فلعلّ أصله من حضرموت كما هو حال كثير من أعلام المغرب كابن خلدون ، ويؤيّد هذا وصف الشّليّ له بأنّه : (من أكابر تلامذة الشّيخ أبي مدين) .. «المشرع» (٢ / ١١).
(٢) التوعّك : التّعب الّذي يجده الإنسان من المرض ، أو هو أذى الحمّى.
(٣) سفينة البضائع (خ ١ / ٦٤).