.................................................................................................
______________________________________________________
المقيس عليه ، وهو جواز التصرف في المنذور قبل حصول الشرط ، وثانيهما : إلى منعه في المقيس ، لوجود الفارق بين المسألتين.
أمّا الأوّل فتوضيحه : أنّ جواز التصرف في المال المنذور المشروط ـ قبل حصول شرطه ـ لا يخلو من الاشكال ، ولم يتسالم الأصحاب عليه ، فقد صرّح العلّامة والشهيد الثاني قدسسرهما بأنّ المسألة مشكلة ، بل التزم في التحرير بعتق العبد المنذور عتقه لو عاد إلى ملكه ، كما تقدم آنفا في عبارة الروضة.
بل في الجواهر : «ولو علّق نذر العتق على برء المريض مثلا ، ففي جواز بيعه قبل حصول الشرط قولان ذكرهما الصيمري في شرحه .. وربما يشهد للعدم ما سمعته في اليمين من أنّه لو حلف ليأكلنّ هذا الطعام غدا ، فأتلفه قبل الغد ، أثم به ، وتعلّق به الكفارة. ونسبه الصيمري إلى علمائنا. وليس إلّا لأنّ النذر قبل حصول الشرط له صلاحيّة التأثير ، وإخراجه عن ملكه يزيل صلاحية التأثير» (١).
والوجه في الاشكال ـ كما أفاده الفقيه المامقاني قدسسره ـ أنّ التصرف في المال المنذور قبل تحقق شرطه نقض للالتزام في ضمن النذر ، فيكون ممنوعا منه بحكم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالنذر. ومورد صحيح محمّد بن مسلم ليس التصرف المنافي لمقتضى النذر ، بل هو رفع الموضوع برفع الشرط ، أو التسبب لعدم حصوله من أوّل الأمر ، فراجع (٢).
وأمّا الوجه الثاني فهو : أنّ قياس المقام بباب النذر مع الفارق. توضيحه : أنّ الشرط في باب النذر شرط لنفس الالتزام النذري ، نظير الشرط في الواجبات المشروطة الذي هو شرط لنفس الوجوب. بخلاف الالتزام هنا ، فإنّه أحد طرفي العقد المركب من الالتزامين الصادرين من المتعاقدين من دون أن يكون أحدهما شرطا للآخر ومتقدّما عليه. فمع تحقق كلا الالتزامين يثبت العقد الذي يجب على كلّ منهما الوفاء به ، ويحرم عليه نقضه ، فلا يجوز للأصيل التصرّف في ما انتقل عنه مع بقائه على ملكه ، إذ خروجه عن
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٣٥ ، ص ٤١٢.
(٢) غاية الآمال ، ص ٣٨٧.