وبالجملة : حكم عقد الفضولي قبل الإجازة كسائر العقود الجائزة (١) ، بل أولى (٢) منها (٣). فكما أنّ التصرّف المنافي مبطل لها (٤) ، كذلك عقد الفضوليّ.
والجواب (٥) : أنّ فسخ عقد الفضولي هو إنشاء ردّه. وأمّا الفعل المنافي
______________________________________________________
(١) يعني : أنّ عقد الفضولي يكون كالعقود الجائزة في بطلانه بالتصرف المنافي ، كما إذا وهب مالا لزيد مثلا ، ثم باعه من عمرو ، فإنّ هذا البيع يبطل الهبة ويفسخها.
(٢) وجه الأولوية : أنّه لا يترتب شيء على عقد الفضولي قبل الإجازة ، بخلاف العقود الجائزة ، فإنّها تقع صحيحة ومؤثرة ، فإنّ الهبة مثلا تؤثّر في ملكيّة الموهوب للموهوب له ، غاية الأمر أنه يجوز للواهب حلّ العقد وفسخه. فإذا بطلت بمجرّد التصرّف المنافي مع وقوعها صحيحة ، كان بطلان عقد الفضولي ـ الذي لإثبات له ـ بالتصرف المنافي أولى.
وبعبارة اخرى : ان تصرف المالك في العقود الجائرة يكون رفعا للعقد ، وتصرّف المالك في البيع الفضولي يكون دفعا له ، ولا ريب في كون الدفع أهون من الرّفع.
هذا بناء على ما نقله المصنف من قوله : «بل أولى منها». وأمّا بناء على ما في المقابس من قوله : «بل أدنى منها» فالمراد واضح أيضا ، يعني : أنّ العقد الفضولي قبل الإجازة يكون أقرب إلى البطلان من العقود الجائزة ، لكون صحته وتأثيره اقتضائيا لا فعليا ، بخلاف العقد الجائز ، فإنّه صحيح فعلا ومؤثر في حصول مضمونه.
(٣) أي : من العقود الجائزة.
(٤) أي : مبطل للعقود الجائزة ، كذلك التصرف المنافي مبطل لعقد الفضولي.
(٥) هذا جواب الشيخ الأعظم قدسسره عن سادس إشكالات صاحب المقابس. تقريبه : أنّ فسخ العقد عبارة عن إنشاء ردّ العقد ، ومع تحققه ينعدم العقد ، ولا يبقى موضوع للإجازة. ولا محيص حينئذ عن الالتزام بما أفاده صاحب المقابس من بطلان بيع «من باع شيئا ثم ملكه وأجاز» حيث إنّ بيع المالك الأصلي ماله المبيع فضولا فاسخ للعقد الفضولي ومعدم له ، فلا يبقى عقد حتى يجيزه من انتقل إليه المال من مالكه.
لكن الفسخ هنا غير معلوم ، لعدم العلم بقصد المالك إنشاء الفسخ بالفعل المنافي ، خصوصا مع جهله بوقوع عقد الفضول على ماله ، ومع عدم إحراز الفسخ لا وجه للحكم بإنعدام العقد حتى يقال بعدم محلّ قابل للإجازة.
نعم غاية ما في الباب أنّ الفعل المنافي يفوّت محلّ الإجازة ، إمّا مطلقا وبالنسبة إلى