وأمّا ما ذكرناه (١) من «أنّ قصد نقل ملك نفسه إن حصل (٢) أغنى عن الإجازة ، وإلّا (٣) فسد العقد» (٤) ففيه (٥) : أنّه يكفي في تحقّق صورة العقد القابلة للحوق اللزوم ، القصد إلى نقل المال المعيّن. وقصد كونه مال نفسه أو مال غيره
______________________________________________________
(١) غرضه من هذه العبارة بيان وهم ودفعه.
أمّا الوهم فهو التنافي بين ما أفاده من قوله : «لكن الأقوى وفاقا للمحقق والشهيد الثانيين وقوفه على الإجازة» وبين ما تقدم في (ص ٣٦٤) من حصول نقل ملك نفسه بمجرّد قصد نقل مال معيّن هو ملك له واقعا ، وإلّا يلزم عدم وقوعه أصلا ، حيث قال هناك : «ولأنّ قصده إلى نقل مال نفسه إن حصل هنا بمجرّد القصد إلى نقل المال المعيّن .. فهو أولى من الإذن في ذلك .. وإلّا توجّه عدم وقوع العقد له».
وجه المنافاة : أنّه مع فرض وقوع البيع للمالك بمجرّد قصد النقل إلى مال معيّن ـ هو ملكه واقعا ـ لا حاجة إلى الإجازة ، وبدون وقوعه يكون فاسدا ، ولا تصحّحه الإجازة ، إذ مورد الإجازة هو العقد الذي له صحة تأهلية ، دون العقد الباطل الفاقد لها.
هذا حاصل الوهم. وأما الدفع فسيأتي.
(٢) يعني : إن حصل بمجرّد نقله إلى مال معيّن مملوك له واقعا ـ مع عدم علمه بذلك ـ أغنى عن الإجازة.
(٣) أي : وإن لم يحصل نقل مال نفسه بمجرّد نقل مال معيّن ملك له واقعا ـ مع جهله بذلك ـ فسد العقد ، ولا يصحّ بالإجازة كما مرّ آنفا.
(٤) هذه العبارة ليست نصّ كلامه المتقدم في (ص ٣٨٣) وإنّما هي مضمونه ، وقد نقلنا بعض كلامه قبل أسطر.
(٥) جواب «وأمّا» ودفع للوهم المزبور ، والغرض منه تمييز العقد القابل للزوم عن غيره. ومحصله : أنّ كلّ عقد قصد به نقل المال المعيّن كان قابلا للحوق اللزوم به. وقصد كون ذلك المعيّن ملك العاقد أو غيره ـ سواء أكان صوابا أم خطأ ـ لا يقدح ولا ينفع ، بمعنى : أنّ قصد كون المال لنفسه أو غيره ليس دخيلا في صحة العقد ، حتى يكون صوابه موجبا لصحة العقد ، وخطؤه مانعا عن صحته.
وعلى هذا فنقول : إنّا نختار الشرطية الثانية ، وهي عدم حصول قصد مال نفسه بمجرّد القصد إلى مال معيّن لا يعلم بكونه مالا له واقعا ، ولكن نمنع بطلان التالي ، وهو فساد العقد بمعنى عدم الصحة التأهلية له ، بل نختار صحته التأهلية ، لكفاية مجرّد قصد