لم يحصل هنا (١) من المشتري تسليط إلّا بالعقد. والتسليط العقديّ مع فساده غير مؤثّر (٢) في دفع الضمان.
ويكشف عن ذلك (٣) تصريح غير واحد (٤) منهم بإباحة تصرّف البائع
______________________________________________________
(١) أي : في صورة أخذ البائع الثمن بدون إذن المشتري.
(٢) لأنّ وجود العقد الفاسد كالعدم في عدم ترتب أثر عليه.
(٣) أي : يكشف عن كون التسليط الخارجي رافعا للضمان ـ دون التسليط العقدي الفاسد ـ تصريح غير واحد من الفقهاء بإباحة تصرف البائع الغاصب في الثمن في صورة تسليط المشتري له ، مع اتّفاقهم ظاهرا على عدم تأثير العقد الفاسد في الإباحة. فيكشف حكمهم بإباحة التصرف ـ مع الاتفاق على عدم تأثير العقد الفاسد في الإباحة ـ عن عدم كون التسليط العقدي موجبا للإباحة ، ولا رافعا للضمان. وإنّما الموجب لهما هو التسليط الخارجي.
فالنتيجة : أنّه إذا أخذ البائع الغاصب الثمن بغير إذن المشتري يكون ضامنا.
(٤) نقل ذلك عنهم جمع ، منهم أصحاب الحدائق ومفتاح الكرامة والجواهر قدسسرهم. قال السيد العاملي : «.. ومن ثمّ قالوا : إنّ المشتري قد فوّت ماله متعمدا ، لعلمه بتحريم تصرفه فيه ، ودفع ماله من غير عوض ، وهو يجتمع مع جواز تصرف البائع الثمن عند القائلين بالإباحة. وقد ذهبوا إلى أنّه حينئذ ليس أكلا مال الغير بالباطل» (١).
والتعبير بالتسليط مذكور في كلامي المحقق والشهيد الثانيين ، وغيرهما ، ففي المسالك في شرح قول المحقق : «ولا يرجع بالثمن مع العلم بالغصب» ما لفظه : «ووجّهوه بكون المشتري قد دفعه إليه وسلّطه عليه ، مع علمه بعدم استحقاقه له ، فيكون بمنزلة الإباحة. وهذا يتمّ مع تلفه .. إلخ» (٢).
__________________
(١) مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ١٩٤ ، جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٠٥ و ٣٠٦ ، الحدائق الناضرة ، ج ١٨ ، ص ٣٩٦.
(٢) جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٧١ ، مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٦٠.