وإن كان قضاؤه باطلا كما هو الظاهر (١) ، فالظاهر (٢) علم المشتري ببطلان قضاء المخالف وتصرّفه في أمور المسلمين ، فهو عالم بفساد البيع (*)
______________________________________________________
وإن كان قضاؤه باطلا كما هو الظاهر ، لأنّه من قضاة خلفاء الجور الغاصبين لحقوق الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، فالظاهر أنّ المشتري عالم بفساد البيع ، لبطلان قضاء قاضي المخالفين ، فلا رجوع له على البائع.
وقد نبّه في الجواهر على أوّل شقّي هذا الجواب ـ وهو أهلية القاضي للترافع إليه ـ فقال بعد نقل الخبر : «وهو كما ترى لا غرور فيه ، ضرورة معذورية القاضي والشهود والورثة ، وأقصاه ظهور الخطأ في حكم القاضي الذي قد باشر البيع ، وهو لا يقضي بتغريمه» (١).
(١) لما مرّ آنفا من أن القضاة في ذلك العصر كانوا منصوبين من قبل خلفاء الجور.
(٢) جواب قوله : «وان كان».
__________________
غير المالك ليأكله : «وإن أطعمه غيره ، قيل : يغرّم أيّهما شاء ، لكن إن أغرم الغاصب لم يرجع إلى الآكل. وإن أغرم الآكل رجع الآكل على الغاصب ، لغروره. وقيل : يضمن الغاصب من رأس» (٢).
وكيف كان فالحاكم ضامن ، وإن لم يكن من جهة الغرور ، بل من حيث إنّ خطأ القضاة في بيت مال المسلمين. فمجرّد مطابقة حكم القاضي لموازين القضاء لا يرفع ضمانه ، غاية الأمر أن ضمانه ليس في كيسه ، بل في بيت مال المسلمين.
(*) لكن يشكل مع هذا العلم أن يحكم على مالك المعيشة بجبر ما اغترمه المشتري في إصلاحها وإعدادها للزرع ، لأنّه مع العلم ببطلان البيع يكون غاصبا للمعيشة ، وليس له الرجوع إلى المالك بأخذ ما صرفه في إصلاحها ، إذ ليس لعرق الظالم حقي. فجواز رجوع المشتري على مالك المعيشة بأخذ ما صرفه في إصلاحها قرينة جليّة على جهل المشتري ببطلان البيع ، ولذا دلّت الرواية على جواز رجوع المشتري على المالك ، وأخذ ما صرفه في إصلاح المعيشة من مالكها.
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٠٣.
(٢) شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ٢٤٢ ، جواهر الكلام ، ج ٣٧ ، ص ١٤٥.