مع أنّ (١) رواية زرارة ظاهرها عدم التمكّن من الرجوع إلى البائع.
مع أنّ (٢) البائع في قضيّة زريق هو القاضي ، فإن كان قضاؤه صحيحا لم يتوجّه إليه غرم ، لأنّ الحاكم من قبل الشارع ليس غارّا من جهة حكمه على طبق البيّنة المأمور بالعمل بها (*).
______________________________________________________
الرجوع» (١).
(١) هذا وجه ثالث لردّ كلام الحدائق ، وحاصله : أنّه يمكن أن يكون وجه السكوت في رواية زرارة عدم تمكّن المشتري من الرجوع إلى البائع ، لعدم معرفته. حيث إنّه اشترى الجارية من سوق المسلمين ، ولم يظهر مالكها إلّا بعد مدّة ولدت الجارية فيها من المشتري أولادا. ولعلّ ذلك البائع الفضولي لم يكن من أهل سوق ذلك البلد ، وكان من خارج ذلك القطر ، فمعرفة البائع بعد هذه المدة الطويلة مشكلة وغير ميسورة عرفا. ولذا سكت الإمام عليهالسلام عن الرجوع إلى البائع. ومن المعلوم أنّ مثل هذا السكوت ليس بيانا للوظيفة ، وهي عدم الرجوع إلى البائع.
(٢) هذا وجه رابع لتضعيف كلام الحدائق ومختص برواية زريق ، وحاصله : أنّ البائع في قضية زريق هو القاضي ، إذ فيها «فباع عليّ قاضي الكوفة معيشتي». وحينئذ فإن كان قضاء ذلك القاضي صحيحا ـ أي مطابقا لموازين القضاء ـ لم تتوجّه عليه غرامة ، إذ المفروض أنّ حكمه وقع على طبق البينة التي أمر بالعمل بها في مسألة القضاء ، فلا يكون غارّا.
__________________
(*) إن لم يتوجّه عليه غرم من جهة عدم كونه غارّا ، على ما قيل. وإن لم يخل عن إشكال ، لعدم ثبوت اعتبار علم الغارّ بكون ما يدفعه إلى الغير ملكا لغيره. ولذا لم يفصّلوا في مسألة من قدّم طعام الغير للآخر ليأكله ، وقالوا بضمان المقدّم إذا رجع المالك إلى الآكل ، فإنّ الأكل يرجع إلى المقدم ، من غير تفصيل بين علم المقدم بأنّ الطعام ملكه أو ملك غيره ، وبين عدم علمه بذلك.
بل عن بعضهم التصريح بالتعميم ، وعدم الفرق في ضمان المقدّم بين علمه بكون الطعام مال نفسه ومال غيره. قال المحقق قدسسره في ما لو قدّم الغاصب المأكول المغصوب إلى
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٠٣.