وأمّا الأوّل (١) فقد عرفته ، وأمّا الإجماع والأخبار فهما وإن لم يردا في خصوص المسألة (٢) ، إلّا أنّ تحقّقهما (٣) في نظائر المسألة (٤) كاف ، فإنّ (٥) رجوع آكل
______________________________________________________
(١) وهو قاعدة الضرر ، فقد عرفته في (ص ٥٣٤) بقوله : «ويؤيده قاعدة نفي الضرر ، فإنّ تغريم من أقدم على إتلاف شيء من دون عوض مغرورا من آخر .. إلخ».
(٢) وهي رجوع المشتري على البائع الفضول بما اغترمه للمالك ، في مقابل المنافع التي استوفاها المشتري من المبيع الفضولي.
(٣) أي : تحقق الإجماع والأخبار في نظائر المسألة كاف في الحكم برجوع المشتري.
(٤) وهي رجوع المشتري على البائع الفضولي فيما اغترمه المشتري للمالك ، في مقابل ما استوفاه من منافع المبيع فضولا.
(٥) بيان لتحقق الإجماع والأخبار في نظائر المسألة المبحوث عنها ، وهي رجوع المشتري إلى البائع الفضول. ومن تلك النظائر مثال زيد الآكل لطعام عمرو بتغرير بكر له ، بدعوى أنّ الطعام له ، ثم بان أنّ الطعام ملك عمرو ، وليس ملكا لبكر ، فإنّه قام
__________________
إذ لا يضمن الحاكم ، لكونه مسلوب الاختيار بعد قيام البينة عنده ، فيرجع المحكوم عليه إلى الشهود ابتداء.
والقسم الثالث ما إذا كان أثر السبب مجرّد إحداث الداعي للمباشر من دون أن يستند الفعل إلى السبب ، فيضمن المباشر خاصة ، ولا يرجع إلى ذلك الطرف أصلا ، وذلك كما إذا أمر شخص غيره بقتل آخر ، أو علّمه طريقة سرقة الأموال ، فجنى باختياره.
وكذا يخرج عن مورد قاعدة التسبيب ـ بكلا إطلاقيها المتقدمين ـ ما إذا وقف شخصان على شفير بئر ، فدفع أحدهما الآخر ، فسقط فيه ، فليس الضمان على الحافر ، لفرض توسط فعل فاعل مختار بين الحفر والهلاك.
وبالجملة فإن كان الفعل مستندا إلى السبب كان هو الضامن دون المباشر. وإن كان الفعل مستندا إلى المباشر ، ولم يقدم على ما يترتب عليه من الضمان كآكل طعام الغير بتغرير المقدّم له مجانا ، أو أقدم على الضمان بإزاء عوض ، كان المباشر هو الضامن ، ويرجع إلى السبب بعد أداء الغرامة (١).
__________________
(١) منية الطالب ، ج ١ ، ص ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ، المكاسب والبيع ، ج ٢ ، ص ٢٧٢ ـ ٢٧٦ وص ٢٨٩.