.................................................................................................
__________________
ومرور العابر وإن كان فعله الاختياري ، لكن عثرة وسقوطه في البئر غير اختياري. ونظيره ضمان فاتح قفص الطائر.
وكذا الحال لو تخلّلت إرادة المختار ، ولكنها ضعيفة بحيث كان استناد الأثر إلى السبب أقوى منه إلى المباشر ، كما إذا وقف الطفل أو المجنون على البئر ، فسقط فيه.
وكذا لو كان الفعل صادرا بإرادة المباشر ، لكنه غير مستقل في فعله ، بل هو ملزم به ، ومقهور لغيره عقلا أو شرعا كالمكره. وكالحاكم الذي شهد عنده شهود زور بمال في ذمة زيد لعمرو ، فحكم بأخذ المال من المحكوم عليه ، فإنّ قيام البيّنة عند الحاكم توجب لا بدّيّة الحكم على طبقها ، فلا يضمن عند تبيّن فساد المستند ، وإنّما يضمن شاهد الزور كما نطقت به الأخبار.
والمقام ليس من هذا القسم ، ضرورة عدم كون البيع ولا تسليط البائع على المبيع سببا لتلف مال المشتري ممّا صرفه على المبيع ، لعدم ترتب هذه الخسارة على البيع ، ولا فيه إحداث الداعي على الإتلاف والتصرف. نعم لولا البيع لم يقع البائع في الغرامة ، ولكنه ليس بمناط سببيته لها ، بل البيع محقّق لموضوع لما اغترمه ، كسائر موارد وجود الموضوع الذي هو أجنبي عن باب التسبيب ، فإنّه لولا وجود المقتول لم يتحقق القتل ، وهل يصح عدّه سببا للقتل؟
والقسم الثاني هو الضمان بالتسبيب على الضمان لا على الفعل المضمّن ، بأن يتوسّط فعل اختياري بين المعدّ وبين المسبب ، وأقدم الفاعل على الضمان لأجل ذلك المعدّ ، بحيث يستند الضمان إلى السبب ، فيتعلق الضمان بالمباشر أوّلا ، ثم بالسبب برجوع المباشر إليه ، ويتحقق في موردين :
أحدهما : أن يستدعي المديون من شخص أن يضمن عن دينه ، فيضمنه ويرجع به إلى المستدعي بعد أداء الدين.
ثانيهما : أن يكون فعل السبب موجبا لضمان شخص آخر بإرادته ، كمقدّم طعام الغير إلى ضيفه ليأكله مجّانا ، فتبيّن عدم كون الطعام له. وعلى هذا القسم ينطبق قاعدة الغرور. فإنّ الآكل مغرور بفعل المقدّم ، فيرجع عليه.
وممّا ذكر يظهر أنّ مسألة الرجوع إلى شاهد الزور لا تناسب باب الغرور ، إذ المفروض في قاعدة الغرور ضمان المغرور ثم رجوعه على الغارّ. وهذا مفقود في المثال ،