الإتلاف وإن (١) كان غير منقّح (*) ، إلّا أنّ المتيقّن منه ما كان إتلاف المغرور لمال
______________________________________________________
المتلف مالا للغير ، بل وضع اليد كيفما اتفق مضمّن. وكذا الإتلاف. وعلى هذا ينبغي ضمان المغرور من جهة قاعدتي اليد والإتلاف. هذا
قلت : نعم لا دخل للقصد في التضمين باليد والإتلاف ، إلّا أنّ مقصود المصنف قدسسره من قوله : «بل قصده ..» بيان محقّق عنوان الغرور. يعني : أنّ المتلف لمال الغير إن كان قاصدا لإتلافه بما أنّه مال الغير لم يصدق عليه «المغرور». وإن كان غير قاصد لهذا العنوان ـ بأن قصد إتلاف مال نفسه ، فتبيّن كونه للغير ـ صدق عنوان الغرور ، فيرجع إلى من غرّه. وعلى هذا فعدم القصد إلى عنوان «إتلاف مال الغير» محقّق مفهوم الغرور.
(١) الجملة خبر قوله : «أن مفهوم» ، وضمير «منه» راجع إلى «مفهوم الغرور».
__________________
(*) يمكن أن يقال : إنّ مفهوم «الغرور» المناسب لمعناه اللغوي ـ المذكور في المجمع بقوله : «وغرّه غرّا وغرورا وغرّة بالكسر فهو مغرور : خدعه ، وأطمعه بالباطل ، فاغترّ هو» (١) ـ هو الذي يكون داعيا إلى صدور الفعل من المغرور ، ومؤكّدا له ، كداعوية الإرادة التي هي الشوق المؤكّد لصدور الفعل من فاعله. ولا يوجب الغرور ـ كالشوق المؤكّد ـ خروج الفعل عن الفعل الإرادي حتى يكون كالآلة ، مثل النار للإحراق والسّكّين للقطع ، والسّمّ للقتل ، فإنّ هذه آلات ، والتعبير عنها بالآلات صحيح. وهذا بخلاف أكل المغرور لطعام الغير ، فإنّه فعل اختياري له ، والتعبير عن المغرور بالآلة غير صحيح ، لأنّه ليس كالنار والسّمّ والسّكّين ونحوها ممّا ليس له إرادة واختيار.
فالغرور ـ على هذا ـ من مبادئ صدور الفعل من الفاعل المختار ، كما يظهر من أمثلتهم ، كتشبيه البائع الفضول بشاهد الزور ، وكمقدّم طعام الغير إلى شخص ليأكله ، فإنّ الأكل فعل اختياري للآكل. وليس كالإيجار في الحلق في عدم كون الفعل اختياريا.
ويظهر ممّا ذكرنا عدم إناطة قاعدة الغرور بقاعدة الضرر ، ولا بقاعدة السبب والمباشر ، فتجري قاعدة الغرور ولو لم يكن هناك ضرر ولا قوّة السبب على المباشر.
ثمّ إنّ الغرور هل هو من العناوين القصدية كالصوم والصلاة والغسل والوضوء؟
__________________
(١) مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٤٢٢.