الغير وإثبات يده (١) عليه لا بعنوان أنّه مال الغير ، بل قصده إلى إتلافه [إتلاف] مال نفسه (٢) أو مال من أباح له (٣) الإتلاف ، فيكون غير قاصد لإتلاف مال الغير ، فيشبه المكره في عدم القصد (٤) (*).
______________________________________________________
(١) أي : يد المغرور ، وضميرا «عليه ، وأنّه» راجعان إلى المال.
(٢) كما في ما نحن فيه ، فإنّ المشتري يستوفي منافع المبيع بعنوان كونه مال نفسه لأجل ابتياعه.
(٣) هذا الضمير والمستتر في «فيكون» راجعان إلى المغرور ، والضمير المستتر في «أباح» راجع الى الموصول المراد به البائع الفضول.
(٤) أي : في عدم القصد إلى الفعل المكره عليه. فإنّ المغرور أيضا لا يقصد إتلاف
__________________
أمّ لا؟ بل الغرور بلا قصد يتحقق ، ولا يتقوم بالقصد كالأكل والشرب ، فإنّهما يتصفان بهذين العنوانين حتى مع الغفلة عنهما ، فإنّ عنوان الأكل والشرب ذاتي لهما ، ولذا لا يتوقف صدق هذين العنوانين عليهما على القصد والالتفات.
فإذا قدّم زيد طعاما يعتقد أنّه ملكه ـ أو ملك من أباح له إتلافه ـ إلى عمرو فأكله ، فتبيّن أنه لم يكن له ولا لمن أباح له ، ولا يرضى بالأكل المزبور ويطالب بدله ، فالظاهر أنّ الآكل مغرور ، ومقدّم الطعام غارّ.
وإذا شكّ في اعتبار القصد والالتفات في مفهوم الغرور فلا دليل ولا أصل على شيء من الاعتبار وعدمه فيه ، فلا بدّ من الرجوع إلى الأصل الحكمي ، وهو أصالة عدم الضمان.
(*) هذا مناف لما تكرر منه في مسألتي اعتبار القصد والاختيار في المتعاقدين من كون المكره قاصدا للمعاملة ، وأنّ المفقود فيه هو طيب النفس ، كقوله : «.. مما يوجب القطع بأنّ المراد بالقصد المفقود في المكره هو القصد إلى وقوع أثر العقد ومضمونه في الواقع ، وعدم طيب النفس به ، لا عدم إرادة المعنى من الكلام» (١). ومن المعلوم أنه لا فرق في حصول القصد بين الفعل الإنشائي والخارجي. فالمكره على الفعل الخارجي كالأكل والإتلاف كالمكره على الفعل الإنشائي.
__________________
(١) هدى الطالب ، ج ٤ ، ص ١٨٥