البيع المذكور (١) صحيحا من غير جهة كون البائع غير مالك. أمّا لو كان فاسدا من جهة أخرى (٢) فلا رجوع على البائع ، لأنّ (٣) الغرامة لم تجيء من تغرير البائع في دعوى الملكيّة ، وإنّما جاءت من جهة فساد البيع. فلو (٤) فرضنا البائع صادقا في دعواه لم تزل الغرامة ، غاية الأمر كون المغروم له (٥) هو البائع (٦) على تقدير الصدق ، والمالك على تقدير كذبه ، فحكمه (٧) حكم نفس الثمن في التزام المشتري به على
______________________________________________________
يتحقق غرور البائع الموجب لوقوع المشتري في الغرامات.
وأمّا إذا كان البيع في نفسه فاسدا ـ كمجهولية المبيع وعدم بلوغ أحد المتعاقدين ونحوهما ـ فلا يرجع المشتري في الغرامات إلى البائع ، لعدم تسبب تلك الغرامات عن تغرير البائع وكذب دعوى مالكيته للمبيع. فلو باع الفضولي متاعا مجهولا غير موصوف حين العقد ـ بوصف رافع للجهالة ـ واستولت عليه يد المشتري ، وتلف عنده ، ورجع المالك بقيمته السوقية عليه ، لم يرجع المشتري بشيء من الغرامات على البائع.
(١) وهو بيع الفضول صحيحا أي جامعا للشرائط عدا مالكية البائع.
(٢) أي : غير مالكية البائع. ومثال هذا الغير فقد بعض شرائط العوضين.
(٣) تعليل لعدم رجوع المشتري إلى البائع بالغرامات ، وحاصله : عدم تسبب الغرامات عن تغرير البائع ، كما مر آنفا بقولنا : «لعدم تسبب تلك الغرامات عن تغرير ..».
(٤) هذا متفرع على كون الغرامة ناشئة من فساد البيع ، وحاصله : أنّ البائع لو كان صادقا في ادّعاء ملكية المبيع له ، وكان فساد البيع لجهالة المبيع مثلا ـ كما إذا باع المالك متاعا مجهولا بعشرين ، وكانت قيمته حال البيع ثلاثين ، وتلف عند المشتري ، ثم ظهر فساد البيع لجهالة المبيع ـ لم ترتفع الغرامة عن المشتري. بل عليه إمّا أن يدفع إلى البائع المالك الثلاثين ، ويستردّ الثمن المسمّى ، لأنّه مع فرض بطلان البيع لم يخرج الثمن عن ملك المشتري. وإمّا أن يدفع الثلاثين إلى مالك المتاع على تقدير كذب البائع.
(٥) وهو الذي يدفع إليه الغرامة من البائع إن كان صادقا في دعوى ملكية المبيع له ، أو المالك إن كان البائع كاذبا في دعوى الملكية.
(٦) خبر «كون» ، وقوله : «المالك» معطوف على «البائع».
(٧) أي : حكم الغرامات التي يغترمها المشتري للمالك ـ وهو البائع على تقدير