وقد حكى فخر الدين والشهيد عن العلّامة في درسه : أنّه نفى المنع عن ضمان الاثنين على وجه الاستقلال (١).
______________________________________________________
(١) بأن يضمن كلّ من الشخصين للدائن ماله الذي في ذمة المديون في عرض الآخر ، لا في طوله بأن يكون أحدهما ضامنا للمالك ، والآخر ضامنا للضامن.
والأقوال في هذه المسألة ثلاثة ، واستشهاد المصنف قدسسره مبني على قول ابن حمزة الذي نفى العلّامة قدسسره بعده. ولا بأس بتوضيح أصل المسألة ـ على ما ذكره السيد العاملي قدسسره ـ ثم الإشارة إلى الأقوال ، فنقول وبه نستعين :
إنّ ضمان الاثنين لما في ذمة شخص ـ كالدّين المستقر في عهدة زيد لعمرو ـ إمّا أن يكون على التعاقب ، بأن يضمنه بكر في الساعة الاولى ، وبشر في الساعة الثانية. وإمّا أن يكون دفعة.
فعلى الأوّل ينفرد أحدهما بكونه ضامنا ، وهو من رضي المضمون له بضمانه ، سواء أكان هو السابق أو اللاحق ، ويبطل ضمان الآخر. كأن يقول : «رضيت بضمان بشر مثلا» ولو قال : «رضيت بضمان كلّ واحد منكما» كان الضامن هو الأوّل ، لأنّ رضاه بضمان كل واحد يوجب انتقال المال إلى من تعهّد أوّلا ، فلا يبقى موضوع لضمان الثاني.
وعلى الثاني ـ وهو كون الضمانين دفعيّا ـ فإن قال المضمون له : «رضيت بضمان بكر مثلا» انتقل كل المال إلى ذمّته ، وبطل ضمان الآخر. وإن قال : «رضيت بضمانكما» كان هو مورد البحث ، وفيه أقوال ثلاثة :
الأوّل : قول أبي علي ابن الجنيد ، وهو تقسيط المال على الضامنين ، فيضمن ـ في المثال ـ كل واحد منهما نصف المال.
الثاني : التخيير في مطالبة من شاء منهما ، ومطالبتهما معا ، ويسمّى ضمان الاشتراك والانفراد معا ، وقد جزموا به في باب الديات في ما إذا قال : «ألق متاعك ، وعلى كلّ واحد منّا ضمانه» ، وهو قول ابن حمزة في المقام. ويكون المضمون له بالخيار في مطالبة المال من أيّهما شاء على الانفراد ، وعلى الاجتماع (١).
__________________
(١) الوسيلة ، ص ٢٨١.