الظالمين وسلب الثقة منهم لاتخذ عامة المسلمين طواغيتهم أئمة في الدين يتبعونهم في الأحكام ويأخذون منهم الحلال والحرام ، كما تبعوا بعض الأوائل في كثير من فروع الدين وأصوله مع وضوح ظلمهم حين ادعاء المنصب. وإن حاول بعض الأتباع التلبيس والدفاع عن أئمتهم وتنزيه ساحتهم عن الظلم ، وسننهم في الدين عن الابتداع ، بعد أن اتضحت مانعية التلبس بالظلم من الإمامة. فكيف يستهجن مع ذلك إتمام الحجة ببيان صريح في القرآن المجيد الذي يتلى آناء الليل وأطراف النهار ، و (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(١).
إن قلت : إن تم هذا في عامة الناس فلا مجال لتوهمه في إبراهيم عليهالسلام ، الذي هو المخاطب بالآية الشريفة ، حيث لا إشكال في استيضاحه منافرة منصب الإمامة للتلبس بالظلم حينها.
قلت : لعل خطاب إبراهيم عليهالسلام بذلك بلحاظ رسالته ، من أجل إعلام الناس به. نظير قوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٢).
وهناك وجوه أخر لا مجال لإطالة الكلام فيها بعد ما سبق.
والذي ينبغي أن يقال : الاستدلال بهذه النصوص على عموم المشتق موقوف ..
أولا : على ورودها في مقام الاحتجاج بالآية الشريفة على عدم إمامة من عبد صنما أو وثنا ، كي يتعين كون استفادة ذلك منها بمقتضى الوضع أو الظهور العام ، ليتسنى إلزام الخصم به في مقام الاحتجاج.
__________________
(١) سورة فصلت الآية : ٤٢.
(٢) سورة الزمر الآية : ٦٥.