على أنه لا يهم تحقيق ذلك ـ وإن أطالوا الكلام فيه ـ لعدم الأثر له فيما هو المهم من العمل ، إذ لا ريب ظاهرا في أن الأصل حمل هيئة الأمر وأداته على كونها بداعي الحث على الفعل ، وحمل أداة النهي على أنها بداعي الزجر عنه ، دون بقية المعاني أو الدواعي المتقدمة من إباحة أو تهديد أو غيرها.
وإنما المهم استفادة الإلزام منها بالوضع أو الإطلاق أو نحوهما ، بحيث يكون هو الأصل الذي يحمل عليه الكلام مع عدم القرينة على غيره ، لأهمية ذلك في مقام العمل جدا. ومن ثم كان ذلك حقيقا بالكلام في المقام.
والظاهر أن النزاع في ذلك لا ينحصر بالإلزام المستلزم لاستحقاق العقاب لكون المخاطب واجب الطاعة عقلا ـ كالشارع الأقدس ـ بحيث لا موضوع له في خطاب غيره ـ كما قد يظهر من بعض الوجوه الآتية ـ بل يجري في مطلق الإلزام ولو من الموالي العرفيين ، بل ولو من غير الموالي ، كالداعي والملتمس والشافع.
وتوضيح ذلك : أن الطلب .. تارة : يبتني على نسبة المطلوب للطالب بحيث يصح إضافته إليه ، فيؤتى به لأجله ويحسب عليه ، ويستحق الممتثل الشكر منه.
وأخرى : لا يبتني على ذلك ، بل على محض الكشف عن واقع لا دخل له به. والثاني هو الطلب الإرشادي.
أما الأول فهو المولوي إن صدر من المولى. بل قد يطلق على كل طلب صادر ممن يهتم بطاعته بنظر العقلاء ، ولو لخوف عقابه ورجاء ثوابه وإن لم يكن مستحقا للطاعة. بل من كل من كان مستعليا وإن لم يكن عاليا في نفسه.
وإن صدر من السافل للعالي كان دعاء واستعطافا ، وإن صدر من النظير للنظير كان التماسا أو نحوه.