ونحوها.
كما يتعين البناء على أن المعاني التي تتضمنها الحروف والهيئات ليست مصاديق للمفاهيم الكلية المذكورة في بيان معانيها ـ كالابتداء والانتهاء والظرفية ونحوها ـ لأن جزئيات تلك المفاهيم ليست أمورا اعتبارية تابعة للكلام ، بل لها نحو من التقرر في عالمها مع قطع النظر عن الكلام. غايته أنها قد تكون مصححة لاعتبار النسب المذكورة من دون أن تكون محكية بها. ولا يحسن تفسيرها بالمفاهيم المذكورة إلا تسامحا لضيق التعبير ، لتعذر تحديد المفاهيم الآلية الارتكازية على حقيقتها.
ولعل في محكي كلام السكاكي في المفتاح إشارة إلى ما ذكرنا ، قال : «المراد بمتعلقات معاني الحروف ما يعبر عنها عند تفسير معانيها ، مثل قولنا : (من) معناها ابتداء الغاية ، و(في) معناها الظرفية ، و(كي) معناها الغرض ، فهذه ليست معاني الحروف ، وإلا لما كانت حروفا ، بل أسماء ، لأن الاسمية والحرفية إنما هي باعتبار المعنى ، وإنما هي متعلقات لمعانيها ، أي إذا أفادت هذه الحروف معاني ترجع تلك المعاني إلى هذه بنوع استلزام».
تنبيهان
الأول : ربما تجعل ثمرة النزاع في كلية المعنى الحرفي وجزئيته قبوله للتقييد لو كان كليا وعدم قبوله له لو كان جزئيا ، لأن الجزئي لا يقبل الإطلاق فلا يقبل التقييد لتقابلهما تقابل العدم والملكة. ويترتب على ذلك الكلام في رجوع القيد في الواجب المشروط للهيئة ذات المعنى الحرفي أو للمادة ذات المعنى الاسمي. ومن ثم جزم شيخنا الأعظم قدسسره بامتناع رجوع القيد للهيئة ورجوعه للمادة مع اعترافه بأنه على خلاف مقتضى القواعد العربية. وقد حاول غير واحد التخلص عن الثمرة المذكورة بوجوه لا تخلو عن غموض أو إشكال ،