الفصل الثالث
في مقدمة الواجب
قد حررت هذه المسألة في كلام قدماء الأصوليين ومتأخريهم. ومورد الكلام فيها وجوب مقدمة الواجب شرعا تبعا لوجوب ذيها وعدمه ، ومرجعه لملازمة وجوبها لوجوبه وعدمها ، وبهذا تكون المسألة من قسم الملازمات العقلية ، لا من القواعد الفقهية ، كما قد يوهمه الجمود على تعبير بعضهم بوجوب مقدمة الواجب ، ولا من قسم الظهورات اللفظية ، كما قد يوهمه تعبير بعضهم بأن الأمر بشيء هل يدل على وجوب مقدمته.
ثم إنه يظهر من مطاوي كلماتهم في الفقه والأصول المفروغية عن عدم خصوصية الواجب في موضوع الكلام ، بل يعم المستحب ، وأن مقدمته هل تكون مستحبة تبعا لاستحبابه أو لا؟. بل الظاهر عموم ملاك النزاع للحرام والمكروه ، على ما يتضح في محله إن شاء الله تعالى. ومن هنا يكون موضوع الكلام في الحقيقة هو الملازمة بين ثبوت الحكم الاقتضائي للشيء وثبوت مثله لمقدمته. وإن كنا سنجري في عرض البحث على ما جروا عليه من جعل موضوع البحث الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ، لئلا يضطرب نظم الكلام عند التعرض لكلماتهم.
كما أنه قد تعرض المتأخرون بتبع الكلام في الملازمة لبعض ما يتعلق بالمقدمة مما هو خارج عن الملازمة في ضمن مباحث عقدت تمهيدا لمحل الكلام أو من لواحقه التابعة له.
هذا ، والظاهر أن موضوع كلامهم بالأصل ـ وهو الملازمة المذكورة ـ