ولو بلحاظ خصوص حال التلبس بالظلم ، فيعم بإطلاقه من يبقى عليه ومن يفارقه. وذلك كما يقتضي عدم مقارنة الإمامة للتلبس بالظلم يقتضي عدم تأخرها عنه وعدم سبقها عليه. وهو المناسب لما عليه الإمامية أعز الله دعوتهم وأظهر حجتهم من وجوب عصمة الإمام.
كما أن الآية الكريمة تناسب مذهبهم في الإمامة وأنها مجعولة منه تعالى لشخص الإمام ابتداء ، لعلمه السابق بأهليته لها ، لا إمضاء لبيعة الناس له بها الذي هو مذهب العامة ، لعدم صحة النسبة له تعالى في الإمضائيات عرفا ـ على ما سبق عند الكلام في المعاملات من مبحث الصحيح والأعم ـ وللعلم بعدم ابتناء إمامة إبراهيم عليهالسلام على ذلك. وبذلك تصلح الآية الشريفة للحكومة على أدلة أحكام الإمامة ـ كالنبوي المتسالم عليه بين الفريقين المتضمن أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (١) ـ لنهوضها ببيان كيفية نصب الإمام.
ومن الغريب ما أجهد به الرازي نفسه في محاولة لحمل الآية على إمامة النبوة دون إمامة الخلافة بوجوه سطرها لا ترجع إلى طائل ، غافلا أو متغافلا عن أن الإمامة تباين النبوة مفهوما وإن اجتمعتا في بعض الأشخاص ـ كما تضمنه صحيح هشام بن سالم المتقدم ـ وعن أن إمامة إبراهيم عليهالسلام كانت بعد نبوته ، وبعد أن أتم الكلمات التي ابتلاه الله تعالى بها ووفى بها.
والحمد لله تعالى على هدايته لدينه والتوفيق لما دعا إليه من سبيله. ونسأله الثبات على الهدى والصلاح. ومنه نستمد العون والتوفيق والتسديد والتأييد ، وإليه يرجع الأمر كله ، ولا حول ولا قوة إلا به ، عليه توكلت وإليه أنيب.
__________________
(١) الكافي ج : ١ ص : ٣٧٦. باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى من كتاب الحجة.
والبحار ج : ٢٣ ص : ٧٦ باب وجوب معرفة الإمام ... من كتاب الإمامة.