مستلزم لمقربيته. بل يكفي فيه سقوط النهي بسبب الاضطرار وعدم تأثير ملاك الحرمة معه في المبعدية والتمرد بالعمل ، حيث يمكن حينئذ التقرب بالملاك غير المزاحم. ولا يمنع منه كون الاضطرار بسوء الاختيار ، لأن التمرد معه إنما يكون بفعل سبب الاضطرار ، لا بفعل نفس الحرام بعده. والعقاب على فعل الحرام حينئذ ليس لكونه بنفسه تمردا ، بل بمعنى عدم معذرية الاضطرار في الإتيان به.
وبعبارة أخرى : ظرف القبح الفاعلي المنافي للتقرب هو ظرف الإتيان بسبب الاضطرار ، لا ظرف فعل الحرام ، وإنما هو ظرف القبح الفعلي الذي يستحق عليه العقاب من دون أن يمنع من التقرب.
نعم لا بد ـ مع ذلك ـ من الالتفات إلى سقوط الحرمة بسبب الاضطرار ، بحيث يكون الارتكاب لأجل ذلك ، لا لعدم الاهتمام بمخالفة المولى والتمرد عليه على كل حال ، بحيث تستمر حالة التمرد الحاصلة حين فعل سبب الحرام إلى حين فعل الحرام ، فيفعله تمردا على المولى ، لا لأجل سقوط حرمته ، والوجه في ذلك أن سقوط الحرمة بالاضطرار من سنخ العذر الذي لا أثر له في المعذرية وفي رفع التمرد ما لم يلتفت له المكلف ، ويعتمد عليه.
وأظهر من ذلك ما لو حصلت التوبة الماحية للذنب ووقع الندم على التورط بفعل سبب الاضطرار حيث لا إشكال حينئذ في إمكان التقرب. وما عن الجواهر من أن التوبة إنما يترتب عليها الأثر إذا كانت بعد الفعل لا قبله. إنما يتجه فيما إذا كان التمرد بنفس الفعل ، لا في مثل المقام مما يكون فيه التمرد سابقا على الفعل بفعل سبب الاضطرار مع لا بدية الفعل معه. مع أنه لو تم مختص بأثر التوبة الراجع للشارع وهو مسقطيتها للعقاب ، دون مثل التقرب من الآثار التكوينية حيث لا ريب في إمكانه معها. فلاحظ.