وكذلك ينبغي التفريق بين مصطلحات « الدين والشريعة والملّة والمنهاج » التي وردت في القرآن الكريم ، ولابدَّ من تعريف هذه المصطلحات قبل الخوض في البحوث المقبلة ; لأنَّ الكثير من الناس يستخدم الدين كمصطلح مرادف للشريعة ، وهذا من الاستخدام اللغوي والديني الخاطىء.
الدين : عبارة عن مجموعة من أُصول اعتقادية ، وأُصول معارف كونية ، ويضمّ اليه أركان الفروع ، ويضمّ إلى الفروع الآداب.
الشريعة : الشريعة تختلف عن الدين ; لأنّ الإسلام اسم للدين وليس للشريعة.
وتسمّى الشريعة المحمّدية صلىاللهعليهوآله ، كما توجد شريعة موسوية ، وشريعة عيسوية ، وشريعة نوحية ، وشريعة إبراهيمية.
والشريعة لغةً هي الضفّة الجانبية المتفرّعة من رافد النهر ، وهذا ما يحدّثنا به أرباب المقاتل عندما يتحدّثون عن العباس حين استقى الماء من الشريعة.
قال ابن منظور في لسان العرب : « والشرعة والشريعة في كلام العرب : مشرعة الماء وهي مورد الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها ويستقون » (١).
الأُسس هي منطقة الدين ، أُصول الاعتقاد وأُصول المعارف هي التي تمثّل دائرة الدين ، أمّا الدائرة التي هي أكثر تشعّباً وأكثر ترامياً وأكثر بُعداً عن المركز هي دائرة الشريعة ، وتشتمل على تفاصيل الأحكام والقوانين.
قال تعالى : ( لِكُلّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ) (٢).
ولم يستخدم تعبير « لكل جعلنا منكم ديناً ومنهاجاً » ; وذلك لأنّ الدين واحد. فدين نوح وإبراهيم وموسى عيسى ومحمّد هو دين واحد ، وأصحاب الشرائع هم
__________________
١ ـ لسان العرب ٧ : ٨٦ ، مادة « شرع ».
٢ ـ المائدة (٥) : ٤٨.