من أنظمة دكتاتورية ظالمة تضطهدهم وتذيقهم أنواع الذل والظلم ، وأنّ سيرة النبي الأعظم البسيطة وتواضعه ومساواته بين المسلمين كان لها الأثر الأكبر في تقبّل الناس لهذا الدين ، والنبي لم يلغ القبائل ولم يحلها ، بل أبقى النظام القبلي كآليّة للمعيشة ، ولكنه لم يجعل هذا الانتماء لهذه القبيلة أو تلك معياراً للتفاضل والتفاخر والاستعلاء على الآخرين ، وعلى الرغم من أنّ المنهج الإسلامي الذي أسس له النبي محمّد صلىاللهعليهوآله سرعان ما تعرّض إلى التشويه والانحراف الذي كان يمارسه ملوك بني أمية وبني العباس إلاّ أنّه رغم ذلك استطاع أن يحقق الكثير ، وأن يجذب النفوس ، وأن يستقطب قطاعات واسعة من المجتمعات المختلفة
اختلاف المنهج بعد النبي صلىاللهعليهوآله
وهناك مؤاخذات تؤخذ على الخلفاء الثلاثة بعد النبي تخالف سيرته صلىاللهعليهوآله ، ونحن نطرح هذه الأُمور من باب البحث العلمي ، لا من باب التعصّب المذهبي ، منها : ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ هو التفرقة في السياسة المالية ، حيث فرّق في العطاء بين الموالي والعرب ، وبين قريش وغير قريش ، ومنع الموالي من دخول المدينة ، وأنّ ولاة الأمصار لايمكن أن يكونوا من الموالي (١) ، حتى أنّ الشعوب الأُخرى غير العربية صار لديها ردود فعل تجاه العرب ، وظهر تيار الشعوبية المعادي للعرب كردّ فعل على تصرفات كانت بعيدة عن منهج النبي محمّد صلىاللهعليهوآله.
حتى أنّ المهاجرين والأنصار طالبوا علياً عليهالسلام بأن يميّز هم بالعطاء ، ولكنه قال لهم : إنَّ نصرتهم للنبي محمّد لها أجرها الأُخروي ، وليس من حقّهم المطالبة بالتميّز على الآخرين في الدنيا (٢).
__________________
١ ـ من حياة الخليفة عمر بن الخطاب : ١٨٠.
٢ ـ ميزان الحكمة ٧ : ٢٩٩٥ ، الحديث ١٩٤١٦.