لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (١) ، وقال سيد الشهداء عليهالسلام في آخر خطاب : « تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً وبؤساً لكم وتعساً! حين استصرختمونا ولهين ، فأصرخناكم موجفين ، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا ، وحششتم علينا ناراً أضرمناها على عدوّكم وعدوّنا ; فأصبحتم إلباً على أوليائكم ، ويداً لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، ولا ذنب كان منّا إليكم.
فهلاّ ، لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيّم ، والجأش طامن ، والرأي لم يستحصف ... » (٢).
وقوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء ) (٣) ، من الملاحم القرآنية العظيمة التي حار فيها المفسّرون والمحدّثون وعلماء العقيدة المتكلّمون ، فكيف يزعم القرآن الكريم إنّه تبياناً لكلّ شيء ، فهل في القرآن الكريم علوم الفيزياء والكيمياء؟! القرآن الكريم ليس فيه تفاصيل الأُمور الدينية ، فضلا عن الدنيوية ، مثل : تفاصيل الأُمور الحقوقية والقانونية والقضائية والاجتماعية ، فوصف ( الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء وَهُدىً ) ليس وصفاً للقرآن الكريم ، وإنّما هو وصف لدرجة غيبية من درجات القرآن الكريم ، وهي درجة الكتاب المبين ، والكتاب المبين هو الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، ولا رطب ولا يابس ، ذلك الكتاب الملكوتي العلمي الذي لا يصل إليه إلاّ المطهّرون كما في سورة الواقعة ، قال تعالى : ( لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) (٤) ، جُعل ذلك الكتاب تبياناً لكلّ شيء ، ويتنزّل في كلّ ليلة قدر ، ولا يصل إليه لا فقيه ولا مجتهد ولا صحابي ولا راوي ولا مفسّر ولا
__________________
١ ـ النحل (١٦) : ٨٩ ـ ٩٠.
٢ ـ الاحتجاج ٢ : ٩٧ ، احتجاجه عليهالسلام على أهل الكوفة.
٣ ـ النحل (١٦) : ٨٩.
٤ ـ الواقعة (٥٦) : ٧٩.