المحرومين ، وكان بإمكان سيد الشهداء عليهالسلام أن يقنع بمصالحة الشخصية ، والخطر يتمثّل في انحراف الأُمّة عن روّاد إصلاحها ، كما أشار سيد الشهداء عليهالسلام في قوله : « تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً وبؤساً لكم وتعساً! حين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم موجفين ، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا ، على عدوّكم وعدوّنا فأصبحتم إلباً على أوليائكم ، ويداً لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، ولا ذنب كان منّا إليكم فهلاّ لكم ، الويلات إن كرهتمونا والسيف مشيّم ، والجأش طامن والرأي لم يستحصف » (١).
وهنا تبرز المشكلة عندما يستغفل المجتمع عن روّاد إصلاحه ، وهذا المحور هوالذي قلت أنّني لم أجده في الأدبيات الحقوقية ، رغم ما يرفعون من شعارات ، وهذه القضية تمثّل ابتلاء في المدارس الحقوقية والقانونية والاجتماعية والإنسانية ، وأمير المؤمنين عليهالسلام يقول : إنّ هناك معادلة دائماً في حالة تجاذب ، ودائماً في حالة اصطدام ، وهى مصلحة العامة المحرومة ومصلحة الخاصّة ، لا سيّما الإقطاع ، ويقول الإمام علي عليهالسلام : « وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونةً في الرخاء ، وأقلّ معونةً له في البلاء ، وأكره للإنصاف ، وأسأل بالإلحاف ، وأقلّ شكراً عند الإعطاء ، وأبطأ عذراً عند المنع ، وأضعف صبراً عند ملمّات الدهر من أهل الخاصّة. وإنّما عماد الدين ، وجماع المسلمين ، والعدّة للأعداء ، العامّة من الأُمّة فليكن صغوك لهم ، وميلك معهم » (٢) ، والطبقة المحرومة هي أكثر ولاء لوطنها ، وهي التي تثبت في الشدّات معه ، وهذه الطبقة العامّة من المجتمع يركّز عليها أمير المؤمنين عليهالسلام ، ويأمر حاكم المسلمين أن يصغي إليها ، بدلا من
__________________
١ ـ الاحتجاج ٢ : ٩٧ ، احتجاجه عليهالسلام على أهل الكوفة.
٢ ـ نهج البلاغة ، رسائل أمير المؤمنين ، رقم٥٣.