نبحث عن الحقيقة بصورة كاملة.
ونحن أتباع الطرح الإلهي المقابل للطرح المادي نقول لهم : إنّ بعض الحقيقة التي يمتلكها هذا الشخص أو ذاك ، وهذه الفئة أو تلك ، غير كافية للوصول إلى الحقيقة بشكل كامل ، والنتيجة هي أنّنا لابدّ لنا من طريقة تجمع لنا الحقيقة بقدر ما يستطيع الإنسان أن يدركها ، لا الحقيقة المطلقة والعلم المطلق الذي يمتلكه الله تعالى ; لأنّ ذلك مختص به تبارك وتعالى ، وبالتالي فإذا أردنا أن نحافظ على الحقيقة يجب أن لا نبعّضها وأن لا نوزّعها في هذا الطرف وذاك ; كي نحتفظ بها ، ولا تضيع بين هذه الأطراف ، وأنّه لابدّ من صيغة عقلية ذهنية فكرية تضمن لنا حفظ الحقيقة من الضياع عندما تقسّم عند عدّة أشخاص أو فئات ، وأنّ الطرح الذي يطرحونه من توزّع الحقيقة عند الفئات أو الأشخاص لا يؤمّن لنا الوصول إلى الحقيقة.
وقد ورد في الدعاء : « يا دائم الفضل على البرية ، يا باسط اليدين بالعطيّة ، يا صاحب المواهب السنيّة » (١) ، وصاحب المواهب السنيّة هو صاحب الحقيقة المطلقة التي تفيض الكمالات على الإنسان.
ومن ضمن ما يطرحه العلمانيون الغربيون ، وتبعهم العلمانيون من العرب والمسلمين هو عدم نفي وإلغاء الطرف الآخر باعتبار أنّه يمتلك جزءاً من الحقيقة ، ولكنّنا نقول لهم : إلى أيّ مدى نعترف بالآخر ، هل نصحّح آراءه بشكل مطلق؟ أم نصحّحها بشكل نسبي؟ وعندما نصحّحها بشكل نسبي ، ما هي النسبة التي نصحّحها بها ، هل هي نسبة التسعين في المئة أم العشرة في المئة؟ ثم ماذا نفعل عندما تكون آراء الآخر آراء سراب وليست آراء صواب ، هل نعترف بها بحجّة عدم إلغاء
__________________
١ ـ المصباح للكفعمي : ٦٤٧ ، الفصل السادس والأربعون فيما يعمل في شهر شوال.