إلى معانقة هذه التيارات المتعاقبة ( المتداخلة والمتضادة أيضاً ) ، مع أنّها ( غريبة ) تماماً على المناخ العربي والإسلامي!
إلاّ أنّ ( نزعة التغريب ) التي تطبّع عليها هؤلاء الأفراد تفسّر لنا تبنّيهم الفكر الغربي ، وتخلّيهم عن قيم الوحي ومبادئ الإسلام العليا ..
ولكن الأسى الأشدّ مرارة أن نلحظ ( الإسلاميين ) بدورهم ، قد بهرَتهم زينة الحياة المنعزلة عن السماء في المناخ الأُوربي ، فهرعوا بدورهم إلى محاورة ( الانحراف ) المذكور ، وبدأوا ينشرون دراساتهم التفكيكيّة والتشكيكيّة حول مختلف ضروب المعرفة ، وفي مقدّمتها التعامل مع النصّ القرآني الكريم ، بدءاً بالوحي ، وانتهاءً بـ ( التفسير بالرأي ) ، بحسب ما تلقّوه من التيار الأُوربي الذي أطلق العنان لمفهوم ( القراءة ) أو السلطة للقارئ يعبث ما يشاء بدوال النصّ ، حافراً ومنقبّاً ومهدّماً ، تقليداً لأسياده المنعزلين عن السماء ومبادئها ..
وإذا أضفنا ـ أخيراً ـ إلى ما تقدّم ، ظاهرة ( العولمة ) في سنواتنا المعاصرة ، وما تستهدفه من السيطرة على الإيديولوجيات جميعاً ; حينئذ نجد أنّ الضرورة الإسلامية تفرض علينا أن نتّجه إلى ( تأصيل ) ما هو ضرورة في حياتنا المعاصرة ، ومن ثمّ ( الردّ ) على الانحرافات المذكورة ..
بصفة أنّ التزامنا بمبادئ الدين ، وإدركنا لمهمّة خلافة الإنسان ، أي إدراكنا للوظيفة التي أوكلها اللّه تعالى إلينا ، وهي مقولة : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ ) (١) ، أولئك جميعاً تفرض علينا :
أوّلا : أن نتعامل مع الظواهر وفقاً لما يفرضه القانون العقلي ويتلاءم مع التصوّر الإسلامي حيالها ، وفي مقدمة ذلك ( اليقين المعرفي ) ، وليس ( التشكيك ).
__________________
١ ـ الذاريات (٥١) : ٥٦.