ومَدار الاستقبال شرعاً على الفضاء المقدّر بقَدَرها (مع احتساب ما سَامَتَ) (١) الشّاذَروان (٢) منه ، من تُخوم الأرض إلى أعلى السّماء. فالمتوجّه إليه مُستعلياً (٣) على البِنية إلى السّماء ، أو منخفضاً عنها إلى الثّرى مُستقبل لها. ولا مَدار على بُنيانها ، فلا يخلّ انهدام حيطانها.
وهي القبلة لجميع مَن في الدّنيا ممّن في المسجد الحرام ، أو خارجه ، أو حرم الله تعالى ، أو خارجه ، غير أنّ المتوجّه إليها إن استطاع المقابلة الحقيقيّة كالقريب إليها كمن في المسجد مثلاً توجّه إلى عينها بكلّه مع الإمكان ، وإلا فيما أمكن من بعضه.
ومن لم تمكنه حقيقة المقابلة كالبعيد عنها بالنّسبة إلى القُدرة البشريّة ، ومن دون توسّط الات ونصب عَلامات ، لزمته مُراعاة أقرب الجهات إلى المحاذاة. ولا يلزمه الأخذ بعلم الغيب لو كان من أهله ، ولا نصب حبلٍ أو خيط ليتمكّن من العلم ، وإن كان من قدرته ، ولا الإغراق في التحقيق والتدقيق ، ولا مراجعة علم الهيئة ، وإن كان من أهله ، ولا رجوعه إلى أهله ، إن لم يكن من أهله. وإنّما يلزم عليه أن يستقبل جهةً لا يعلم خروج الكعبة منها ، ولا يجد ما هو أقرب إلى الانطباق عليها ، ومُسامتتها منها.
ومن خرج عن سمتها بكلّه أو بعضه فلا صلاة له.
ولو استطال الصّف (٤) حتّى خرج بعض منه عن المحاذاة بكلّ أو بعض ، بطلت صلاته.
ويلزم أن يكون المأموم مساوياً للإمام أو أبعد منه عن القبلة فيمن يكون خارجاً عنها. وأمّا فيها فيقوى فيها عدم البأس في التقدّم والتأخّر والمحاذاة ، واستقبال كلّ
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : مع قدر فضاء ما فوق.
(٢) الشاذروان بفتح الذال من جدار البيت الحرام ، وهو الذي تُرك من عرض الأساس خارجاً ، ويسمّى تأزيراً ؛ لأنّه كالإزار للبيت. المصباح المنير : ٣٠٧.
(٣) في «م» : مستلقياً.
(٤) في «ح» زيادة : وحولها.