عليه بمساواة العدم و (الوجود قاضٍ عليه بالعبوديّة (١) لواجب الوجود ، فصفة السّلطان والجبروت لا تليق إلا لربّ الملك والملكوت ، والوقوف على قدم لا يليق إلا بمن ساوى وجوده العدم ، وبذلك تتقوّم حقيقة العبادة والعبوديّة.
ومتمّمها الأعمال الصورية المتعلّقة بالأبدان ، والأقوال المتعلّقة باللسان ، فهي جلوتها (٢) ، وتلك حقيقتها ؛ لأنّ لكلّ حقّ حقيقة ، ولكلّ ثوابٍ نوراً ، فبمثل ذلك يُعرف أنّ الحقيقة هي الحقيقة الشرعيّة المنصوص عليها بالأدلّة الشرعيّة ، لا ما جرَت على ألسن الفرقة المبدعة المسمّاة بالصّوفيّة.
ومنها : أنّه ينبغي أن يكون مُستحضراً لمجملاتها ، من مندوباتها ، وواجباتها ، وشرائطها ، ومقدّماتها ، ومقتضياتها ، ومنافياتها ، عارفاً بها عن مجتهد حيّ ، أو كتابه ، أو واسطته ، والكلّ في طبقة.
وإن لم يكن ، فعن الاحتياط.
فإن لم يكن ، فعن المشهور ، أو عن من نقل إجماعهم ، أو الأدلّة إن كان من أهل ذلك.
فإن لم يكن ، فعن كلّ من يحصل الظنّ بقوله من العدول.
فإن لم يكن ، لزمته الهجرة عن بلاده إلى موضع يرجو فيه تحصيل مراده ، كلّ ذلك مع الاحتياج إلى العمل.
ولا يلزمه الفرق بين الواجبات والمندوبات ، ولا الوقوف على معرفة حقيقة الذّات ، بل تكفيه المعرفة الإجماليّة ، وهي المطلوبة في النيّة ، ويكفي فيها معرفة أنّ الصّلاة هي المقابلة لما عداها من الواجبات الفرعيّة.
ومنها : أنّ كلّ من صلّى وعمل ما حكمه نظري من غير رجوع إلى مأخذ شرعيّ ، وكان متفطّناً خبيراً بأن الرّجوع إلى المجتهدين معتبر ، دون الإباء والأُمّهات والمُعلّمين ، فلم يرجع ، بطلت صلاته ، وافقت الواقع ، أو خالفته.
وإن لم يعلم بذلك ، ولم يخطر بباله ، زاعماً أنّ الحجّة بينه وبين الله تعالى أُمّه أو
__________________
(١) في «ح» زيادة : وبالمعبوديّة.
(٢) في قولك جلوت العروس جلوةً وجلاءً. المصباح المنير / ١٠٦.