فيما يأمر ، مانع لغيره عن الإتيان بها فيما قلّ عن الفرسخ ، مانع التأخّر عن الوقت لضيقه ، إلى غير ذلك من الأمارات.
ومن مجموع ما ذكرنا يحصل القطع بالحكم ، وفيه كفاية لمن نظر ، وتبصرة لمن تبصّر.
وكيف يعوّل على أخبار تقضي كثرتها بضعفها ؛ لبُعد خفائها على العلماء ، حتّى تركوا العمل بها.
وكيف يخطر في نظر العاقل أنّ الإمام في زمان التقيّة يأمر أصحابه بمخالفتها ، مع أنّه ينبغي أن يمنع عن فعلها ، فلا بدّ من حملها على التقيّة بإقامة جمعة القوم ، وهي جمعة صحيحة كغيرها من صلاة التقيّة ، تّى أنّ أصحابنا مأمورون بأنّهم إن استطاعوا أن يكونوا الأئمّة كانوا. وفي كتاب عليّ عليهالسلام إذا صلّوا الجمعة ، فصلّوا معهم (١) إلى أخره.
والأوامر الواردة فيها على العموم لا تزيد على ما ورد في الوضوء والغسل الرافعين للحدث ، والغسل الرافع للخبث ، وغسل الأواني ، والجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والحج ونحو ذلك ، مع أنّه أغنى ورود المخصّص أو المقيّد قلّ أو كثر في تخصيصها أو تقييدها بحصول شروطها.
فلتكن تلك العمومات مخصّصة ، والمطلقات مقيّدة. على أنّه يمكن تنزيل ما فيه من الطعن والذم لتاركها على إذا استهون فيها ، ولم يعن بها ، فإنّ عدم الاعتناء بالسنة ، والاستهانة بها استهانة بالدين ، وتضييع لحُرمة سيّد المرسلين.
وعليه ينزّل ما ورد في حضور صلاة الجماعة ، ممّا هو أعظم ممّا ورد فيها من إحراق البيوت على من لم يحضروها ، وخروجهم عن ربقة المسلمين ، وعدم قبول عُذر الأعمى حتّى يضع له حبلاً (٢) ، وما ورد من أنّ من لم يفرق شعره فرقه الله تعالى بمنشار
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٨ ح ٩٦ ، الوسائل ٥ : ٤٤ أبواب صلاة الجمعة ب ٢٩ ح ١.
(٢) انظر الوسائل ٤ : ٣٧٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٢.