بصحيحة عبيد الله بن عليّ الحلبي ومحمّد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّهما سألاه عمّن يقرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب ، قال : «نعم إن شاء سرّا وإن شاء جهرا» قلت :أفيقرأها مع السورة الأخرى؟ فقال : «لا» (١).
ولا يخفى عليك أنّ هذه الصحيحة وإن كانت صريحة في نفي الوجوب ، وقضيّة الجمع بينها وبين ما يظهر منه الوجوب : صرفه إلى الاستحباب ، إلّا أنّ ما في ذيلها من نفي وجوب البسملة مع السورة الأخرى ربما يوهن التعويل عليها حيث يغلب على الظنّ جريها مجرى التقيّة ، فليتأمّل.
واستدلّ الحلّي لما ذهب إليه ـ من اختصاص الاستحباب بالأوّلتين من الصلاة الاخفاتيّة ـ بما صورته : لا خلاف بيننا في أنّ الصلاة الاخفاتيّة لا يجوز فيها الجهر بالقراءة ، والبسملة من جملة القراءة ، وإنّما ورد استحباب الجهر في الصلاة الاخفاتيّة التي يتعيّن فيها القراءة ، ولا تتعيّن القراءة إلّا في الركعتين الأوليين فحسب.
وأيضا فطريق الاحتياط يوجب ترك الجهر بالبسملة في الأخيرتين ؛ لأنّه لا خلاف بين أصحابنا بل بين المسلمين في صحّة صلاة من لا يجهر بالبسملة في الأخيرتين ، وفي صحّة صلاة من جهر فيهما خلاف.
وأيضا فلا خلاف بين أصحابنا في وجوب الإخفات في الركعتين الأخيرتين ، فمن ادّعى استحباب الجهر في بعضها ـ وهو البسملة ـ فعليه الدليل.
فإن قيل : عموم الندب والاستحباب بالجهر في البسملة.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٦٨ ـ ٦٩ / ٢٤٩ ، الاستبصار ١ : ٣١٢ / ١١٦١ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.