فالذي يغلب على الظنّ أنّ الاختلاف إنّما هو في مجرّد التعبير ، كما يفصح عن ذلك ما ادّعوه من الإجماع على كلّ منها ، وجعلوا الخلاف منحصرا في أبي حنيفة ، فإنّ من المستبعد ادّعاءه على تقدير اختلاف ما أرادوه من العبائر المختلفة ، خصوصا مع صدورها من شخص واحد ، فالظاهر أنّ مراد الجميع هو بلوغ الراحتين إلى الركبتين.
وقد تصدّى بعض متأخّري المتأخّرين (١) لإيراد جملة من الشواهد من كلماتهم لإثبات ما ذكر ، ولا يهمّنا الإطالة في إيضاحها ، فإنّ غاية ما يمكن ادّعاؤه حصول الظنّ باتّحاد المراد من معاقد الإجماعات المحكيّة ، وأنّ معقدها بلوغ الراحتين ، وهو لا يجدي في تحصيل الإجماع والتعويل عليه خصوصا بعد الالتفات إلى تصريح بعض المتأخّرين (٢) بكفاية وصول رءوس الأصابع ، بل عن المحدّث المجلسي في البحار أنّه مذهب الأكثر (٣).
ولكن لا يبعد أن يكون منشؤ هذه النسبة استظهاره من عبائر من عبّر بوضع اليدين على الركبتين ، وهو لا يخلو عن تأمّل ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
وكيف كان فقد استدلّ بعض (٤) من صرّح باعتبار بلوغ الراحتين وعدم كفاية ما دونه : بالإجماعات المنقولة المستفيضة بعد إرجاع بعضها إلى بعض بشهادة بعض القرائن التي تقدّمت الإشارة إليها.
وفيه ما عرفت.
__________________
(١) السيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٨٩ ـ ٩٠.
(٢) الطباطبائي في رياض المسائل ٣ : ١٩٤.
(٣) كما في رياض المسائل ٣ : ١٩٤ ، وفي بحار الأنوار ٨٤ : ١٩٠ نسبته إلى المشهور.
(٤) راجع الهامش (١).