ولكنّك ستسمع (١) عن غير واحد دعوى الإجماع على عدم اعتبار وضع الكفّين على الركبتين في الركوع وأنّه مستحبّ ، فحينئذ ليس حمل قوله صلىاللهعليهوآله : «ضع كفّيك على ركبتيك» على إرادة الانحناء بمقدار يمكنه ذلك أولى من حمله على الاستحباب ، بل هذا أولى.
ومن هنا يظهر أيضا ضعف الاستشهاد له بالمرسل الآخر وبصحيحة حمّاد ، الحاكية لفعله عليهالسلام ، فإنّه وإن أمكن أن يقال بصحّة الاستدلال بمثل هذه الأخبار الحاكية لفعلهم عليهمالسلام للوجوب بضميمة ما دلّ على وجوب التأسّي بهم في الصلاة ، وخصوص قوله عليهالسلام في ذيل الصحيحة : «هكذا صلّ» وإن لا يخلو عن تأمّل ، ولكنّه بعد ثبوت استحباب هذه الكيفيّة لا يبقى للفعل دلالة على أنّ الانحناء البالغ إلى هذا الحدّ من حيث هو ، لا من حيث توقّف هذا الفعل المستحبّ عليه كان متعلّقا للغرض حتى يمكن استفادة وجوبه من حيث هو من هذا الخبر.
وهكذا الكلام في سائر الروايات ، فإنّ تمكين الراحتين الذي تعلّق به الأمر في تلك الروايات ليس إلّا على سبيل الاستحباب ، كما يشهد به سوق تلك الأخبار ، ويدلّ عليه صريحا ما في ذيل الخبرين الأخيرين (٢) ، فلا يمكن استفادة وجوب الانحناء البالغ إلى الحدّ الذي يتمكّن معه من فعل هذا المستحبّ من تلك الروايات ، كما هو واضح.
وأضعف منها الاستدلال بقاعدة الشغل وتوقيفيّة العبادة ؛ لما أشرنا إليه مرارا من أنّ المرجع في موارد الشكّ البراءة ، لا الاحتياط.
__________________
(١) في ص ٤١١ ـ ٤١٢.
(٢) راجع الهامش (٣ و ٤) من ص ٤٠٦.