فيتبادلون الزّيارات بين الأراجيز ودويّ البنادق ، وإن كان الواحد ليرتجل العشرين بيتا .. فلا يرتجزون إلّا بالأخير منها.
ومن أشعارهم الدّالّة على الإباء : قول أحدهم (١) :
والقعيطي نطح بالرّاس لمّا انكسر |
|
جاه خنتوب من حرب النّمر في صنيفه |
والله إنّ عشا نوّح ومبقى ضحاهم |
|
حاملين البنادق والمقاصّ اللطيفه |
واللّقا والوفا والوعد لى راس حوته |
|
بانعارضه بانلقي حراوه وضيفه |
لو يقع من مئة مقتول في قبر واحد |
|
والنّبي ما التوى يدّه لعقد الشّريفه |
فبقيت من هذا حزازة في نفس السّيّد حسين بن حامد ، لم يستطع أن ينفث بما يشفي صدره في جوابها إلّا ليلة دخولهم إلى المكلّا بعد إبرام المعاهدات ، فقال :
قالوا لي اليوم الشّريفه وكّلت |
|
من بعد ما غلبت وصاليها غلب |
بيدي عوادي شاربين المسكره |
|
حملوا على (حوته) وخلفوا في السّلب |
و (حوتة) : هي العقبة الكأداء الّتي أعجزتهم عن أخذها عنوة (٢) ، ولكن طفقوا يفتلون في الذّرى والغوارب (٣) حتّى وطّؤوا أكنافهم بالبذل ، ولهذا أجابه بعضهم قبل أن يبلع الرّيق بما نسيته ، ومعناه : لم تنفعك الأسلحة ولا الرّجال ، وإنّما نفعك ما بذلته من المال ، وكادوا يتواثبون إثر تلك المراجعات بالأراجيز الحارّة ، ولكن هدّأهم المناصب.
وأخبرني السّيّد حسين بن حامد : أنّه قال في إحدى مراجزه لهم في هدنة ذات الأيّام :
__________________
(١) واسمه : عمر بامحمد بامهدي (بامزاود) ، من البادبيّان.
(٢) لمعرفة موقع عقبة حوتة جغرافيّا .. ينظر الوصف الدّقيق الذي أورده صاحب «الشامل» (ص ٧٨).
وهي الطّريق الوحيد لمريد الوصول إلى المكلّا من حجر .. كما في «بضائع التابوت». ووقعة حوتة التاريخية تنظر في «الشّامل» (ص ٦٤).
(٣) الذّرى : أعالي كلّ شيء. الغوارب : أعالي الموج. والمعنى : أنّهم يحيكون المكائد ويؤججون الفتن حتى انصاع لهم ما يريدون.