وقال الخزاعيّ : هو هيّ بن بيّ بن جرهم بن الغوث بن يشدد بن سعد بن جرهم فلمّا صاروا بأسفل مكّة .. إذا هم بهاجر ومعها ابنها إسماعيل بن إبراهيم ، ولمّا أخبرتهم بنسبه .. عرفوه ، وذكروا القرابة ، ورغّبهم قربهم في مجاورته ، فكان حمير بن سبأ في درجة إبراهيم في النّسب إلى عابر ؛ إذ هو إبراهيم بن آزر ، وهو تارخ بن شاروخ بن أرعواء بن فالخ بن عابر ، وحمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر ، وكذلك من قال : إنّ عابر هو هود بن عبد الله بن خالد بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، وهذا أقرب القولين إلى ما يلائم الصّواب.
وقالت الفرقة الرّابعة : إنّ حمير وجرهم قبل عاد وثمود بدهور طويلة ، وإنّ جرهم لم تكن يوم عثرت على إسماعيل وأمّه وعلى زمزم سيّارة من اليمن ، وإنّما كان حمير بن سبأ ، سيّرهم إلى جبال الحرم ولاة على العماليق وعبد ضخم ، فكانوا بنجد والطّائف وأجبل الحرم ، فأقاموا دهورا لا يدخلون وادي مكّة ـ إذ كان خاويا ـ إلّا لرعي ، حتّى خرج الحارث بن مضاض بن عمر بن سعد بن الرّقيب بن ظالم بن هيّ بن بيّ بن جرهم بن قحطان في عصبة ترود من جرهم ، فوجدوا إسماعيل وأمّه فعرّفته بالنّسب ، فرغب في المقام معهما ، فأقام وجميع جرهم معه ، وتزوّج إسماعيل إلى العماليق ، ثمّ إلى الحارث بن مضاض.
أقول : وهذا بالحقيقة لا يردّ ما قبله ، بل يؤيّده ؛ إذ لم يزد بين الحارث وهيّ بن بيّ إلّا خمسة ، وهذه لا تغبّر على شيء كما يتوضّح من قول الفرقة الخامسة : إنّ الاحتجاج بمعادّة الآباء سبب ضعيف ؛ لاختلاف أعمار النّاس) اه بنوع تصرّف واختصار.
والقول الّذي ينبغي اعتماده هو ما تكرّر عند الهمدانيّ وغيره : إنّ حمير ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود.
وأمّا السّوق الّتي تقوم في ذلك الشّعب .. فقد مرّ خبرها في وادي العين ، وكانت هذه السّوق كما ب «الأصل» عن «بلوغ الأرب» تقام في النّصف من شعبان ، وما زال عليه الأمر بحضرموت إلى ما قبل اليوم بنحو من مئتي سنة ، فتغيّر قليلا.