وكنت أستبعدها ؛ لما اشتملت عليه من المحالات ؛ حتّى رأيت كلام الهمدانيّ ، فظننت أنّه هي ، إلّا أنّه دخل عليها التّغيير. والله أعلم.
وفي المقدّمة : أنّ وبار اسم لحضرموت بأسرها ، ولكنّ بعضهم يخصّه بهذه الفلاة الّتي قلّما تجلس مع أحد من بادية العوامر .. إلّا حدّثك بالأعاجيب عن أشجارها ، وعن جنّها ، وعن حيواناتها ؛ ومنها النّعام ، وبها يكثر بيضها ، ومن المعلوم أنّها لا تبيض إلّا في خصب من الأرض ، قال جابر بن حريش يصف أرضا بالخصب والرّخاء [من الكامل] :
لا أرض أكثر منك بيض نعامة |
|
ومذانبا تندي وروضا أخضرا |
وقال الجاحظ في كتاب «الحيوان» : زعم ناس أنّ من الإبل وحشيّة وكذا الخيل ، وقاسوا ذلك على الحمير والحمام والسّنانير وغيرها.
وزعموا أنّ مسكن الإبل الوحشيّة بوبار ، قالوا : وربّما خرج الجمل منها لبعض ما يعرض فيضرب في أدنى هجمة من الإبل الأهليّة ، ومن هذا النّتاج كانت الإبل المهريّة.
وفي «لسان العرب» لابن منظور : (أنّ الحوش الحوشيّة : إبل الجنّ. وقيل : المتوحّشة. ويقال : إنّ فحلا منها ضرب في إبل لمهرة بن حيدان فنتجت النّجائب المهريّة من تلك الفحول الوحشيّة .. فهي لا يكاد يدركها التّعب). وفي «الأصل» ذكر جميل من الأشعار في وبار.
ومن أشهى ما يحدّثك الخبير عن وبار : حسن التّربة ، وزكاء المنبت ؛ فإنّ الزّرع يحصد منها خمس مرّات بالسّقية الواحدة ، والعوامر يسمّون المكان الصّالح للعمارة منها : الحجر ؛ لأنّهم يحتجرونه لمراعيهم ؛ كما يسمّي الصّيعر المكان النّازل عن نجدهم فيما يليهم منها : عيوه.
وخيام الصّيعر والعوامر والمناهيل منتشرة بكثرة في هذه الرمال.
هذا ما تلقيته بشأنها عن كثير من العوامر ، يصدّق بعضهم بعضا ، إلّا أنّ عندهم نصيبا كاثرا من البلادة وسوء الفهم .. فالعهدة عليهم.