سارت سفائنهم والنّوح يتبعها |
|
كأنّها إبل يحدو بها الحادي |
والنّاس قد ملؤوا العبرين واعتبروا |
|
وأرسلوا الدّمع حتّى سال بالوادي |
كم سال في البحر من دمع وكم حملت |
|
تلك القطائع من أفلاذ أكباد (١) |
هذا حال أهل المكلّا في توديعهم ، وأمّا هم (أعني آل النقيب) .. فكما قال الرّضيّ [في «ديوانه» ٢ / ٥٧١ من الطّويل] :
ترحّلت عنكم لي أمامي نظرة |
|
وعشر وعشر نحوكم من ورائيا |
وزعم بعضهم أنّ صاحب زنجبار لذلك العهد ـ وهو السّلطان سعيد بن سلطان (٢) ـ منع السّلطان عمر بن صلاح من النّزول ببلاده ؛ لما سبق من فعلة جدّه الشّنعاء بأقاربه ، وكاد يرجع أدراجه ، ولكنّ بقايا الموتورين (٣) من آل عبد الرّبّ أظأرتهم (٤) الرّحم عليه ، فشفعوا إلى سلطان زنجبار في قبوله ، فقبل نزوله. ولا تزال الدّراهم مرصّدة له بأرباحها في خزينة عدن ، كذا يقول بعضهم.
ويزعم آخرون أنّ الحكومة اختلقت مبرّرا لحرمانه منها. ولا بأس بإيراد وثيقتين تتعلّقان بالقضيّة. هذه صورة الأولى :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أقرّ أنا عمر صلاح ، نقيب بندر المكلّا بأنّي قد قبلت بتوقيف وقطع العداوة التي بيني وبين عوض بن عمر القعيطيّ وأخيه عبد الله بن عمر حاكم بندر الشّحر ، وأن
__________________
(١) الأبيات من البسيط.
(٢) الواقع التاريخي يخالف هذا الزعم ، لأنّ السّلطان سعيدا هذا توفّي في صفر سنة (١٢٧٣ ه) ، كما في سيرته المسمّاة : «بدر التّمام في سيرة السّيّد الهمام سعيد بن سلطان» للفقيه الإباضيّ حميد بن محمّد بن رزيق (ص ٤٥٩ ـ ٥٦٥). وإنّما ورد الكساديّ زنجبار إبّان حكم ابنه السّلطان برغش بن سعيد لها ، لصداقة كانت بينهما ، فأقام عنده على الرّحب والسّعة حتّى توفّي .. ذكر هذا السّيّد محمّد بن هاشم في «رحلة الثّغرين» بهامش (ص ٤١).
(٣) الموتورون : من قتل لهم قتيل ولم يدركوا ثأره ، وهم أقاربه أبناء صلاح ومطلق ابني عبد الرّبّ الكساديّ الّذين هاجروا بعد أن غلبهم على الحكم محمّد بن عبد الحبيب بمعونة الإنكليز.
(٤) أظأرتهم : من الظئار وهو العطف.