عدن استحسن أن تبيع بلادك المكلّا لعدوّك القعيطيّ بثلاثة لكّ (١) ريال ، وطلب إمضاءه على ورقة بيع مكتوبة بالإنكليزيّة .. فأبى ، فألزموه أن يواجه الوالي بنفسه في عدن ، فتوجّه على أمل من إنصاف الوالي ، فلم يكن منه إلّا أن ألزمه الإمضاء على ورقة البيع .. فامتنع ، وبقي خمسة وعشرين يوما في مراجعة مع الوالي.
ثمّ عاد إلى المكلّا في نفس المركب الّذي سار فيه ، واسمه (دجمار) ومعه صالح جعفر ، ولمّا وصل المكلّا .. وجد المنور الحربيّ المسمّى (دراقين) راسيا بالمكلّا ، وفي اليوم الثّاني .. نزل قبطانه ـ واسمه هلتن ـ ورافقه صالح جعفر وأعطى للنّقيب ورقة مكتوبة بالعربيّ : إنّك راضي أن تفارق بلدك وحدودك ما عدا بروم ، ونسلّم لك لاكين وعشرين ألف ريال ، فامتنع النّقيب عن الإمضاء عليها ، فعاد هلتن للمنور المسمّى (دراقين) ومعه صالح جعفر .. فضربوا ثلاثة مدافع ؛ إعلانا بحصر المكلّا ومنعوا السّفن الواردة ، فضربوا السّفن الرّاسية ، وبقي ذلك المنور محاصرا للمكلّا ستّة أشهر ، وبعدما وصل المنور (دجمار) من عدن وفيه حاكم صغير اسمه (والش) .. قال للنّقيب عمر : إنّ دولة الإنكليز رفعت الحصر عن بلادك ، وإنّها لا تتداخل بينك وبين القعيطيّ.
وبعد عشرين يوما وصلت المناور الحربيّة (دراقين) و (عرب) و (دجمار) ، وفيها القبطان (هولتن) والقبطان (هنتر) ، وألزموا النّقيب صلاح يصحّح على ورقة بيع بلاده للقعيطيّ بثلاثة لكّ ريال .. فامتنع ، فتوجّه المنور (دراقين) والمنور (دجمار) إلى الشّحر عند القعيطيّ ، وأقاما خمسة أيّام ، وفي اليوم السّادس .. وصلت مناور إنكليزيّة شاحنة بعسكر القعيطيّ وآلات الحرب ، ومعهم عبد الله بن عمر القعيطيّ ، ونزل هنتر إلى بروم ، وقال لحاميتها : إن لم تفرغوها .. أثرنا عليكم الحرب ، وفي أوّل يوم من نوفمبر سنة (١٨٨١ م) .. أطلقوا المدافع ، وهدموا القلاع ، فهزمت عسكر النّقيب ، واستولت المناور على بروم ، ثمّ سلّموها لعبد الله بن عمر القعيطيّ ، ثمّ توجّه (دراقين) وسفن القعيطي بحرا ، وبعض عساكره
__________________
(١) اللّكّ : عند أهل الهند وإيران واليمن : مئة ألف ، وعند المولّدين : عشرة ملايين ، وجمعه : لكوك.