القعيطيّة السّيّد حسين بن حامد المحضار إذ ذاك عن هذه النّاحية ، بل كان ـ رحمه الله ـ يتعمّد ذلك ؛ لأنّ في العلم والمدارس تنبيه الأفكار ، وهو يكره وجود النّابغين ؛ لئلّا يزاحموه أو يغلبوه على السّلطان ، أو يطالبوه بحقوقهم (١).
وإنّما كان يوجد فيها الأفذاذ النّاقلون بحكم الفلتات ؛ كالشّيخ عوض بن سعيد بن محمّد بن ثعلب ، الّذي تولّى القضاء بها فيما قبل سنة (١٣١٣ ه) ، وكالشّيخ عبد الله بن عوض باحشوان (٢) ، والشّيخ سعيد بن امبارك باعامر في قليل من أمثالهم ، لا تحضرني أسماؤهم.
ومن أواخرهم : الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن عوض باوزير ، قرأ على الشّيخ محمّد بن سلم ، وله رحلات في طلب العلم إلى الحجاز وعدن وحضرموت ، وكان ذا لسان ونفس طيّب في الوعظ والتّذكير ، توفّي بالغيل في سنة (١٣٥٤ ه) ، ودفن إلى جانب شيخه ابن سلم.
وبإثر وصول السّادة آل الدّبّاغ (٣) إلى المكلّا في حدود سنة (١٣٤٣ ه) .. فتحوا المدارس وأحسنوا التّعليم ، وكان حزب الأحرار الحجازيّ (٤) يغدق عليهم الأموال ، وتصلهم مع ذلك المواساة من العراق.
__________________
(١) لقد أطال المصنّف وأفاض في ترجمة السّيّد حسين بن حامد في «بضائع التابوت» ، وذكر أمورا خاصّة جرت بينهما ، (٢ / ٢٨٨ ـ ٢٩٦).
(٢) عالم فقيه من سكّان المكلّا ، توفّي قبيل وفاة السّلطان عمر بن عوض ؛ أي في بداية الأربعينيّات الهجريّة ، وكان بارعا في الفرائض كما يقول معاصره فضيلة الشيخ النّاخبيّ حفظه الله.
(٣) وهم السّادة : طاهر الدّبّاغ ، وابنا أخيه : حسين وعليّ ، وهم أشراف حسينيّون ، من أهالي الحجاز.
(٤) حزب الأحرار الحجازيّ : تأسّس إبّان نشوب الحرب بين جلالة الملك عبد العزيز آل سعود وجلالة الشريف الحسين بن عليّ ؛ إذ تنادى طائفة من أعيان مكة وجدّة إلى الحضور إلى دار الشّيخ محمّد حسين نصيف ، حيث قرّروا بأغلبيّة الأصوات إنشاء حزب يدعى (الحزب الوطني الحجازيّ) ، وانتخبوا اثني عشر شخصا من أعيان الأمّة في مكّة وجدّة ؛ ليكونوا الهيئة الإداريّة للحزب ، وقد اختير لرئاسة هذا الحرب الشّيخ محمّد الطّويل ، كما اختير لأمانة سرّه السّيّد طاهر الدّبّاغ ، وقد أصدر الحزب بجدة عدّة نشرات موجّهة إلى الأمّة تدعوها إلى الاتّحاد والتّضامن. «من أعلام التّربية والفكر في بلادنا» للسّيّد محسن باروم : (٥٨ ـ ٥٩).