خوّارا (١) ـ فسكت على مضض ، حتّى قدم الفاضل السّيّد طاهر الدّبّاغ (٢) ، فعرف تهوّر أصحابه فقذعهم (٣) ، ولكنّه بارح المكلّا وشيكا ، فعادت القضيّة إلى أسوأ ممّا كانت ، إلّا أنّ المسألة انحلّت بطبيعة الحال ؛ إذ سافر عليّ الدّبّاغ إلى جازان ؛ لتدبير الثّورة ، فغرق هناك ، وكان آخر العهد به (٤).
__________________
(١) الخوّار : الضّعيف الّذي لا بقاء له على الشّدّة.
(٢) السّيّد محمّد طاهر بن مسعود الدّبّاغ ، ولد بالطّائف سنة (١٣٠٨ ه) ، وتوفّي بالقاهرة في شهر رجب سنة (١٣٧٨ ه). أرسله والده إلى مصر للدّراسة بها .. فدرس المرحلة الابتدائيّة ، ثمّ عاد وأكمل تعليمه في رحاب المسجد الحرام على أيدي شيوخ العلم بمكّة ، وكانت ملازمته لشيخه العلّامة سيبويه الحجاز الشّيخ محمّد علي المالكي. عيّن مدرسا في مدرسة الفلاح سنة (١٣٣٠ ه) ، ثمّ مديرا لماليّة جدّة في عهد الشّريف حسين بن عليّ ، وعند اضطراب حبل الأمن في الحجاز سنة (١٣٤٣ ه) عيّن أمين سرّ الحزب الوطنيّ الحجازيّ وسكرتيرا له ، ولم يلبث أن غادر الحجاز بعدها إلى مصر واليمن وحضرموت ، ثمّ إلى الهند وجاوة ، فسنغافورة سنة (١٣٥٠ ه) ، وغادرها إلى عدن ومكث بها إلى أواخر (١٣٥٤ ه).
وفي سنة (١٣٥٥ ه) عاد إلى بلاده ، ولقي إكراما وعطفا من الملك عبد العزيز آل سعود ، وعيّن مديرا عامّا للمعارف في المملكة إلى سنة (١٣٦٤ ه). ثمّ عيّن عضوا في مجلس الشّورى إلى عام (١٣٧٢ ه) حيث طلب إحالته للتقاعد. ترجمته في : «سير وتراجم» (٢٨٢ ـ ٢٨٥) ، «من أعلام التّربية والفكر في بلادنا» (٥٣ ـ ٨٨) ، «الدّليل المشير» (٢١٢ ـ ٢١٤) ، «الانطلاقة التّعليميّة في المملكة» (١٩٧ ـ ٢٠١).
(٣) قذعهم : أفحش القول فيهم.
(٤) لكنّ شاعر الدّولة القعيطيّة الشّيخ عبد الله النّاخبيّ ، وهو أحد معاونيهم في مدرسة الفلاح يقول عن نهاية آل الدّبّاغ : إنّه بعد أن أمر السّلطان عمر بإغلاق المدرسة في أواخر الأربعينيّات الهجريّة ـ حوالي (١٣٤٨) أو (١٣٤٩ ه) ـ توجّه الأخوان عليّ وحسين آل الدّبّاغ إلى عدن ، وفتحوا بها مدرسة سمّوها مدرسة الفلاح أيضا ، وأقاموا في عدن بضع سنوات ـ أربع أو خمس سنوات ـ وبعدها راحوا إلى لحج وفتحوا مدرسة أيضا بها ، وأدخلوا الموسيقى في المدرسة .. فكانت أوّل فرقة موسيقيّة رسميّة تكونت على أيديهم في بلاد لحج.
وعادوا إلى عدن في حدود (١٣٥٥ ه) ، وحاولوا أن يكوّنوا جيشا لغزو الحجاز به ، وأعدّوا عدّة ليست بالقليلة ، وكانت خطّتهم : أن يقوم حسين بالذّهاب إلى يافع ليجلب الجنود ، ويذهب عليّ إلى الحبشة لشراء السّلاح .. ونفذت أوائل هذه الخطّة ، وسار عليّ الدّبّاغ إلى الحبشة ليجلب الأسلحة ، لكنّ منّيته عاجلته .. فغرق في زورق بقرب السّواحل الحبشيّة ، وليس بالقرب من جيزان وأما حسين فسيذكر المؤلف خبره.