(لقد شارك (١) في النّزاع العلويّ الإرشاديّ في أندونيسيا ، وبحوزتي خطبة له قالها في أحد الجوامع في بتافيا عام (١٣٤٦ ه ـ ١٩٢٨ م) ، وفي العام التّالي حاول أن يصلح بين الطّرفين ، وأخبرني أنّ الرّسائل المتبادلة ضمّت إلى مخطوطاته التّاريخيّة «بضائع التّابوت»).
ثمّ يضيف (سرجنت) : (لقد احترمه الكثيرون ، خصوصا عندما يتّخذ موقفا مخالفا لموقف العلويّين المتزمّتين) اه
ويتجلّى ما كان يتحلّى به السّقّاف من اعتدال في مواقفه فيما لقيه من تقدير وإجلال بين طبقات مثقفي عصره ، كما يبدو ذلك واضحا في احترامه واعتداده بآراء العلماء المحقّقين من مختلف المذاهب.
ولكنّ هذا المستشرق لم يفته غمزه بقوله : (والرّأي الحضرميّ عنه أنّه ساذج ، وغير مفرط في النّقد كمؤرّخ ، لكنّه عالم له صيته ، ولا بدّ أن يقدّم إسهاما هامّا لصياغة التّاريخ الحضرميّ).
ولعلّه يعني بهذا الغمز : أنّ السّيّد السّقّاف ـ فيما يبدو من أبحاثه التّاريخيّة ـ لا يكلّف نفسه عناء مناقشة ما يورده من نقول تغلب على كثير منها السّذاجة (٢) ، ولا سيّما حين ينقل عمّن يعتقد فيهم الصّلاح والتّقوى.
ومهما يكن .. فإنّ فيما قدّمه للباحثين عن تاريخ بلاده أوضح دليل على ما يتمتّع به من سعة الاطّلاع ، وشدّة الغيرة والحرص على الاهتمام بهذا الجانب ، وهو ـ بدون شكّ ـ ممّا لا غناء لكلّ معنيّ بدراسة التّاريخ العربيّ بصفة عامّة عن الرّجوع إليه.
__________________
(١) القول بأنّه شارك في النّزاع ، كلام يوهم خلاف الحقيقة ؛ لأنّه لم يكن متحيّزا إلى أحد الطّرفين كما يبدو ، لأنه إنّما قدم إلى جاكرتا بصفته داعية للصّلح بين الفريقين ، والحديث عن دوره في ذلك النزاع يطول ، ولديّ وثائق ورسائل تؤرّخ وتكشف بدقّة كلّ الملابسات الّتي لا تعرف عن بعض خفايا الموضوع ، يسّر الله جمعها ودراستها عمّا قريب.
(٢) ونحن نقف من هذا النبز المكشوف موقف الرادّ له ، لأنّ وصف فكر ابن عبيد الله ولو في بعض ما كتبه بالسّذاجة أمر نراه سخيفا ؛ فالرّجل كان من الجلالة بمكان ، وهلمّ إلى مناقشة بعض تلك السّذاجات المزعومة لتقف على حقيقة ما قيل بدلا من مجرّد النّبز والتّعريض.