ومع أنّ السّيّد السّقّاف لم يتلقّ العلم ـ فيما علمت عنه ـ خارج الجزيرة .. إلّا أنّ المرء حين يطالع أحد مؤلّفاته ؛ ككتابه عن المتنبيّ (١) .. يعجب من سعة اطّلاعه ، وقوّة استحضاره للشّواهد والنّصوص عند الحاجة ، وسرعة بديهته.
ولا شكّ أنّ دراسته الأولى كانت وفق الطّريقة المتّبعة في تلك البلاد ، وفي غيرها من البلدان الإسلاميّة ، من حيث الاتّجاه للدّراسات الدّينيّة. وبلاده في عهده عرفت بنوع من المحافظة والميل إلى ما يشبه الانقطاع أو الانعزال للعبادة والتّجرّد الرّوحيّ ، ويظهر أنّه تأثّر في أوّل مراحل حياته الدّراسيّة بمن تلقّى عليهم العلم واستفاد منهم بدرجة أحلّته منزلة رفيعة بينهم ، حتّى بلغ أعلى منصب دينيّ ، حيث عرف بمفتي حضرموت. ويلمح الباحث أثر هذا من خلال مؤلّفاته الّتي ذكر منها الأستاذ عبد الله بن محمّد الحبشيّ في كتابه : «مصادر الفكر العربيّ الإسلاميّ في اليمن» :
١ ـ «نسيم حاجر في مذهب الإمام المهاجر».
لعلّ المقصود ب «المهاجر» جدّ السّادة الحضرميّين ، الّذي هاجر إلى حضرموت ؛ فقد ألّف عنه السّيّد علويّ بن طاهر الحدّاد (١٢٩٠ / ١٣٨٠ ه) مفتي حضرموت كتابا دعاه : «إثمد المهاجر» ، حاول إثبات أنّه شافعيّ المذهب ، بينما يرى السّيّد صالح بن عليّ الحامد المتوفّى سنة (١٣٨٧ ه) أنّه إماميّ المذهب.
قال (سرجنت) بعد ذكر هذا : (وقد أضاف السّيّد ابن عبيد الله ملحقا يقال : إنّه نشر فيه ما يؤيّد رأي السّيّد صالح). (٢)
٢ ـ حاشية على «فتح الجواد».
٣ ـ حاشية على «تحفة المحتاج».
٤ ـ «صوب الرّكام في تحقيق الأحكام» (٣).
__________________
(١) أي كتاب «العود الهندي عن أمالي في ديوان الكندي» وهو عبارة عن مجالس أدبيّة تناولت نقد وتحليل وشرح بعض أشعار المتنبّي ، كتاب فريد في بابه ، وهو من منشوراتنا ولله الحمد والمنّة.
(٢) وهذا الملحق سمّاه ابن عبيد الله : «سموم ناجر» يوجد مسودة لدى أحفاده بسيئون.
(٣) طبع في مجلّدين.