دخل الهند في مقتبل شبابه ، وأقام بها مدّة حصّل فيها علم الحديث (١) ، ثمّ خرج إلى حضرموت وأقام ببور ، وكان يتردّد إلى تريم ، ويجتمع بالشّيخ عبد الرّحيم بن محمّد باكثير (٢) على مطالعة الكتب الفقهيّة ، ثمّ حجّ وزار ، وأخذ عمّن بالحرمين من العلماء ، وعاد إلى حضرموت ، فطلب منه السّلطان عليّ بن بدر أن يتولّى القضاء بالشّحر ، فأقام بها على القضاء والتّدريس بالجامع إلى أن مات. وكانت إليه الإمامة والخطابة أيضا.
__________________
علويّ بن عبد الله بن محمّد ـ صاحب بور ـ ابن عبد الله بن محمّد بن سالم .. إلخ النسب المتقدم ، توفّي جدّه محمّد صاحب بور بالهند ببلدة بيجافور ، سنة (١٠٤٨ ه) ، وأمّا هو .. فقد توفّي قبل سنة (١١٢٤ ه). «شرح العينية» (٢٧٧).
(١) قال الحبيب أحمد بن زين : (وطلب الحديث ، وطالع كتبه ، ولعلّه أدرك هناك أحدا من الحفّاظ المتقنين في هذا الشأن) اه
وكان بدء انتشار علم الحديث في الهند في القرن العاشر الهجريّ ، ومن أوائل من قدم الهند ونشره بها : الشّيخ الإمام العلّامة عبد المعطي بن حسن باكثير المكيّ ، المتوفيّ بأحمدآباد سنة (٩٨٩ ه) ، ودخلها آنذاك عدد من علماء مكّة أيضا ؛ منهم : الشّيخ محمّد بن أحمد بن عليّ الفاكهيّ ، المتوفى سنة (٩٩٢ ه) وغيرهما .. وظهر صاحب «مجمع البحار» العلّامة محمد طاهر الفتني ، المتوفّى سنة (٩٨٦ ه) ، وكان طلبه العلم في الحرمين الشريفين.
وأمّا النّهضة الحديثيّة الكبرى .. فكانت إفاضتها على بلاد الهند بعد مقدم الشّيخ الإمام عبد الحقّ الدّهلويّ ، المتوفّى بدهلي سنة (١٠٥٢ ه) ، وليس هو أوّل من جاء بالحديث إلى الهند كما يزعم البعض ، لكن نفع الله بعلومه كثيرا ، ثمّ قام بعده ولده نور الحقّ ، المتوفّى سنة (١٠٧٣ ه). وتصدّى لنشره أيضا الإمام أحمد السّهرندي أو السّرهندي ، وولده محمّد سعيد شارح «المشكاة» وأبناؤه وتلاميذه. وهؤلاء كلهم ظهروا في القرن الحادي عشر الهجريّ إبّان وجود الشّريف علويّ باحسن في الهند ، فلعلّه لقي أحدا منهم.
(٢) الفقيه العلّامة القاضي عبد الرّحيم بن محمّد بن عبد الله المعلّم ابن عمر بن قاضي باكثير ، أخذ العلم عن الشّيخ عامر بن أحمد بن طاهر الخولانيّ ، وعليّ بن حسين بامهير ، وبمكّة عن الشّيخ العلّامة عبد الله القدري باشعيب المكيّ ـ الآتية ترجمته في الواسطة ـ تولّى القضاء بتريم مدّة ، وجرت له حادثة شهيرة سنة (١٠٩٦ ه) في رؤية الهلال ، كان الصّواب فيها حليفه ، وانتصر على عصريّه الفقيه محمّد بن عبد الله باعليّ. قال فيه ولده الفقيه عليّ يفتخر به :
وحسبي به إذ يفخر ابن بوالد |
|
وجدّي أبوه حبّ ذلكم الجدّ |
«البنان المشير» (٧٦ ـ ٨٠) ، ولم يؤرّخ فيه لمولده ولا لوفاته.